وترحّب محال الحلويّات المنتشرة في المناطق الشعبيّة بالشهر الذي اقترب هلاله، مع الرسومات التي زيّنت واجهاتها الزجاجيّة والتي تتخلّلها عبارة «رمضان كريم». فالحلويّات من أساسيّات المائدة الرمضانيّة، ولا سيّما أنّ ثمّة أصنافاً منها لا تظهر إلا مع بدء الشهر الفضيل وتختفي بمجرّد حلول عيد الفطر. لعلّ أبرز تلك الأصناف هو الكلّاج الذي تهيّأت المحال له، فخصّصت أمكنة لقليه وكذلك القدور التي تُملأ بالزيت في الأوّل من رمضان. إلى جانب الكلّاج، تأتي القطايف المحشوّة إمّا بالجوز وإمّا بالقشطة والتي تكون مقليّة أو نيّئة. كذلك، تُعَدّ العثمليّة والشعيبيّات من الحلويّات التي تتناسب مع أجواء شهر الصوم. تجدر الإشارة إلى أنّ الصائمين المصابين بالسكّري، يتحايلون على التوصيات والنصائح ويستهلكون تلك الحلويّات على الرغم من تحذير أطبّائهم منها. هم يرفضون أن يُحرَموا منها، بالنسبة إليهم «رمضان يحلّ مرّة واحدة في السنة!». من جهتها، راحت المحال التي تبيع المواد الغذائيّة تتهيأ لشهر رمضان، فعرضت في أماكن بارزة من صالاتها، الصغيرة أو الكبيرة، زجاجات أو أوعية جلّاب وتمر هندي وقمر الدين، التي لا تستلزم سوى إضافة مياه باردة إليها لإعداد المشروبات التي تنعش الصائمين، خصوصاً وسط الحرّ. ومن يرغب، في إمكانه إضافة الصنوبر واللوز والزبيب إلى الجلّاب. وهذه الأنواع من الشراب تشيع خلال هذا الشهر، لتختفي بعده. وفي أماكن بارزة من تلك المحال، تُعرَض كذلك عبوات الشوربة (الحساء) سريعة التحضير، فالشوربة هي الطبق الرئيسيّ الثاني على المائدة الرمضانيّة بعد الفتّوش. ولتسهيل المهمّة على ربّة المنزل، في حال كانت على عجلة من أمرها، فإنّ في إمكانها تحضير هذا النوع من الشوربة بدلاً من شوربة الخضار أو العدس اللتَين تستلزمان وقتاً. المائدة الرمضانيّة التي تعدّها ربّات المنازل تتضمّن أصنافاً عدّة، تبدأ بالفتّوش والشوربة مروراً بالمقبّلات المختلفة والطبق الرئيسيّ أو الطبقَين الرئيسيَّين قبل أن تنتهي بالحلويّات التي تكثر. وتلك المائدة، وبهدف توخّي الدقّة، تبدأ بالتمر وليس بالفتّوش أو الشوربة. اللقمة الأولى لا بدّ من أن تكون حبّة تمر أو حبّتَين أو ثلاث حبّات أحياناً. لذا نجد علب التمر بأنواعه المختلفة، خضري وسكري وخلاص ملكي وعنبري وغيرها، معروضة في أبرز أمكنة من المحال التجاريّة وفي بعض محال الحلويّات، وكذلك على عربات باعة متجوّلين. وتلك العربات سوف تؤمّن لأهالي المناطق الشعبيّة خلال أيّام رمضان، العصائر الطازجة بالإضافة إلى مشروبات الجلّاب والتمر هندي وقمر الدين الجاهزة. وبعد أيّام، لا شكّ في أنّ زحمات سوف تُسجّل حول تلك العربات قبيل الإفطار وكذلك أمام محال الحلويّات. راغدة لن تكون من هؤلاء الذين سوف يتزاحمون لشراء المشروبات الجاهزة، «فأنا لا أعرف من حضّرها وإذا كانت يداه نظيفتان أم لا». تضيف ضاحكة: «ربّما أعاني من وسواس قهريّ. لذا اشتريت عبوة سعة أربعة ليترات من الجلّاب، هكذا أحضّره لعائلتي وضيوفي على هواي. على أقلّ تقدير، أعرف أنّ المياه التي أستخدمها في التحضير صالحة للشرب». وراغدة كانت قد قصدت أحد المتاجر الكبرى في بداية شهر ماي، واشترت ما يلزمها من عدس وأرزّ ومعكرونة وعصير طماطم وزيت للقلي، بالإضافة إلى بعض الخضار المعلّبة من قبيل الذرة وبعض أنواع التوابل التي قد تَلزمها عند تحضير أطباق المائدة الرمضانيّة، من دون أن تنسى «المكسّرات ولا المشمش المجفّف والزبيب ولا التمر بالتأكيد. هذه مونة الشهر الاعتياديّة مع بعض المشتريات الإضافيّة. أمّا اللحوم والخضار فلا أشتريها إلا طازجة». وتخبر راغدة أنّها خلال جولتها قبل أيّام في سوق الخضار الذي بدا مزدحماً جداً، لم تلحظ أيّ ارتفاع في الأسعار «ربّما تُرفَع لاحقاً خلال رمضان، كذلك الأمر بالنسبة إلى المواد الغذائيّة الأخرى التي اشتريتها». وتشير إلى أنّها وتحضيراً للشهر المقبل، اشترت سكاكين وبعض الأواني المطبخيّة من أباريق وغيرها «لأنّني سوف أحتاجها بلا شكّ. كثيراً ما نستقبل أفراد العائلة جميعاً على الإفطار». وراغدة، أمّ لثلاثة شبان، أحدهم متزوّج، بدأت تهيّئ منزل العائلة لشهر رمضان قبل نحو أسبوع. تقول: «عمدت إلى تعزيله (تنظيفه) ووضّبت السجّاد. فصل الربيع انتصف، ولا بدّ من ذلك. وخلال رمضان، من المستحيل القيام بهذا الأمر». وفي عادة ورثتها عن أمّها وجدّتها، راحت تزور قريباتها وصديقاتها لمعايدتهنّ بالشهر الذي يهلّ قريباً.