تعيش عشرات العائلات القاطنة بحي الرملي ببلدية جسر قسنطينة شرق العاصمة في مد وجزر مع معانات طال أمدها أمام غياب أدنى مستلزمات العيش الكريم جعلتهم يتجرعون مرارة الأوضاع، وما زاد من حدة معاناتهم هو عزلة المكان وتجاهل السلطات لوضعيتهم التي تزداد تدهورا يوما بعد يوم. تبدأ قصة الحي من العشرية السوداء التي عرفتها البلاد أين تحول المكان إلى مأوى للسكان النازحين من المناطق المجاورة خاصة تلك التي عرفت أحداث دامية بسبب ويلات الإرهاب وحتى من باقي ولايات الوطن وبفعل النزوح الريفي والهجرة الجماعية صارت المنطقة تشهد حالة من الاكتظاظ مقارنة بما كانت عليه في سنوات خلت، حيث أضحي هذا الحي النقطة السوداء التي تشوه الوجه العمراني للبلدية، بقضائه على مساحات الخضراء، وحسب ممثل الحي فان هذا الحي يضم أكثر من 2750 بيت فوضوي يتكبدون فيه معاناة على امتداد أكثر من 16 سنة بداية من بيوت هشة مبنية بالطوب والقصدير والتي أصبحت لا تقيهم من برودة الشتاء ولا حرارة الصيف، ففي فصل الشتاء تزداد معاناة السكان خوفا من سقوطها في أية لحظة لأنها في حالة متقدمة من الاهتراء، فالتصدعات والتشققات تملا الجدران أما أسقفها فهي كلها متآكلة بفعل عوامل الطبيعة، وفي هذا السياق أكد العديد ممن التقتهم الجزائرالجديدة عن معاناتهم خاصة بعد تآكل أسقف الأكواخ، مما اضطرهم إلى تغطية بيوتهم بالبلاستيك ما يعرضهم إلى الكثير من الأخطار، وفي هذا السياق عبرت السيدة فتيحة ربة بيت أنها تقضي يومياتها خاصة في فترات تساقط الأمطار تحت الثقوب الموجودة في الأسقف تحاول جمع المياه في أوانيها المنزلية، والتي أصبحت لاتقي بالغرض، أما صيفا فهي تتقاسم كوخها مع الجرذان التي أصبحت لا تفارق الحي، ناهيك عن درجة حرارتها التي لا تطاق مما يجعلها تقضي يومها خارج الكوخ. مشكل آخر زاد من حدة معانات ومأساة السكان وهو مشكل المياه الذي يفتقده سكان الحي. الأمر الذي يضطرهم اللجوء إلى الأماكن العمومية التي تعتبر مركز التمويل بالنسبة لهم، ناهيك عن مشكل الكهرباء الذي يعرف انقطاعات مستمرة، والتي تدوم لساعات إن لم نقل لأيام، على حد تعبير سكان الحي، الذين أبدو تذمرهم من انتهازية المسؤولين الذين لم يأخذوا مطالب السكان بمحمل الجد ناهيك عن مشكل الغاز الذي أصبح هاجسا يؤرق السكان والذي يتم اقتناءه بصعوبة، وذلك لموقع الحي بعيدا عن مراكز توزيع قارورات غاز البوتان أما عن أثمانها فحدث ولا حرج، فأسعارها بالمنطقة تزيد عن 350 دينار، والتي غالبا ما لا يتمكنون من تسديد أثمانها مع العلم أن العائلات المقيمة بالحي تعيش في حالة من الفقر بسبب البطالة. هذه الأوضاع وأخرى ساهمت بشكل كبير في تنامي مختلف الآفات الاجتماعية خاصة السرقة التي انتشرت مؤخرا في أوساط الشباب الذين لم يجدو سبيلا آخر لكسب قوتهم اليومي سوى السرقة، من جهة أخرى أثار السكان مشكلا آخر يهدد صحتهم والمتمثل في انعدام قنوات صرف المياه القذرة، مما اضطر السكان اللجوء إلى الطرق البدائية للتخلص من فضلاتهم عن طريق الحفر مشكلة بذلك خطر وبائي يهدد صحتهم خصوصا عند امتلاء تلك الحفر، حيث تتدفق المياه فوق السطح مشكلة بركا مائية تنبعث منها الروائح الكريهة، كما تؤدي إلى انتشار الحشرات الضارة خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة، وما زاد من مخاوف هؤلاء الأمراض المتربصة بأبنائهم الذي لم يجدوا أي أماكن للعب سوى تلك الأماكن التي تنتشر فيها المياه وحتى النفايات المنزلية التي لم يجد السكان مفرغة يرمون نفاياتهم اليومية الأمر الذي جعلهم يرمونها بشكل عشوائي. ورغم الطلبات التي قدمها السكان للسلطات المحلية فيما يخص ترحيلهم وإدراجهم ضمن المحتاجين في القوائم الخاصة بالسكنات الاجتماعية لكن ذلك دون جدوى على حد تعبيرهم كما تشهد المسالك حالة جد متدهورة، أين تصبح حركة السير بها شبه مستحيلة، نظرا للاهتراء خاصة في فصل الشتاء مع تساقط الأمطار، أما صيفا فيبقى الغبار ديكورا يميز الحي، وأمام هذه الوضعية المزرية التي أصبحت لا تطاق على حد تعبير قاطني حي الرملي جدد هؤلاء مطالبهم وانشغالاتهم إلى السلطات المعنية بترحيلهم إلى سكنات لائقة بعيدة عن الحياة البدائية التي عاشوها على امتداد 16 سنة.