كان لابلاس ولا يزال ضرب من ضروب موعد اللقاء اليومي للمتقاعدين من مواطن ولاية تلمسان ونقطة تلاقي الغريب من زائري عاصمة الزيانيين وغيرهم ممن يريد التعرف على هذه المدينة الجميلة انطلاقا من هذا الموقع الجامع لفئات عمرية متباينة يضبطون توقيتهم ومشوراتهم بدءا من ذات المكان الذي إن ذكر تذكر معه القيصرية والجامع الكبير في الجانبين المقابلين له ففضاء لابلاس لا يخول من الحمام الذي يصاحب الجالسين يوميا بتغريدات »القمري« وأعطى لوحة جمالية ونظرة ثاقبة تزاوجت فيها حركة الأشخاص وصورة هذا النوع من الطيور التي طبعت ذات النقطة الجامعة وممرّ لعدة أماكن أثرية تستقطب الآلاف من السياح على مدار السنة لأن ساحة لابلاس لا يحكمها توقيت لإلتقاء الأحباب والأصحاب وذوي المصالح المختلفة إجتماعية كانت أم تجارية وحتى السياسة خصوصا منهم المتعاطفين والمساندين لحزب جبهة التحرير الوطني باعتبار محافظة هذا التنظيم السياسي تتوسط الساحة، وحسب مجموعة من الشيوخ التلمسانيين أن هذا الفضاء المقصود من طرف عامة الرجال وجهة الحديث عن قضايا ومواضيع متنوعة تخص الفرد والجماعة بإسترجاع أيام زمان وأساس الحياء الذي كان له قدر وحرمة بعكس مانراه اليوم »ونحن نجلس بالابلاس متوجهين لظواهر النساء العاريات اللاتي تقدمن تقدم الجاهلية »بلباس غير محتشم« فهذا المكان يضم المحلات التجارية من ملابس وصياغة والتي تعد من التوجهات النسوية الهامة وأضاف هؤلاء عن حرمة لبلاس بأنه كذلك كان مكانا للإنتظار يتخذه أو بالأحرى اتخذه السابقون للتريث هنيهة الى غاية نضج خبز الفران الذي يعجن في المنازل ويلعم بالسكين على شكل الآحرف الأولى من أسماء العائلات وألم نفس المكان في العهد السابق الأشخاص الذين يسعون نحو »الدراز« و»البلاغجي« و»النحاس« و»الدقاق« و»الفخارجي« لقضاء حاجياتهم الخاصة في إقتناء الأفرشة وأواني الزينة المصنوعة من النحاس المنقوش وقباب الحمام الخشبية وهذا خلال موعد يحدد لهم من قبل الحرفيين لأخذ متطلباتهم سيماوأن جل الورشات كانت موجودة بالقرب من ساحة لبلاس التي فيها حنين إجتماعي عريق علي حد ما يرويه واقع مدينة الفن والحرفة والحضارة. أما اليوم فقدإنتعشت أكثر بعدماتم فتح بمحاذاتها متحفي الفن والتاريخ الذي مثل في السابق أحد الإدارات الفرنسية البلدية وآخر استعمل مسجدا للسلاطين في الفترة الزيانية والمسمى جامع سيدي بلحسن لتنسى الذي حوّل لمتحف المخطوطات والمفتوح في وجه الزوار وكل من أراد تغير الروتين وكسر الملل ممن يقفون بالساحة التي رممت وتم تهيئة أرضيتها وتغطيتها ببلاط آخر جدد ذلك القديم الذي كساها منذ الفترة الإستعمارية وأصبحت بهذا مدعمة بمصابيح كهربائية جميلة الشكل ومقاعد تجمع الجالسين والمتأملين في الأزقة التي طالما حصلت عبر الزمن الرائع الذي إنحصر خصوصا لمحيط لابلاس موضع لم ينقطع صداه لحد تكملة هذه الأسطر، إجتمعت فيه أجيال وأجيال تعاقبت لديهم الحركة الدؤوبة الباقية التي ظلت تتجدد مع كل عصر في »القعدة« والحديث والتشاور والنقاش في الأمور المختلفة وإعادة الزمن والأحداث بالكلمة الطيبة. وما نشير إليه أن ساحة لابلاس تؤدي إلى أكثر من( 19) مسجدا وبجانبها (6) من الجوامع بها مجموعة 25 مسجدا مصلى نذكر منهم الجامع الكبير المدرسة التنسيقية (البلدية القديمة) مسجد سيدي السنوسي وسيدي لبنّا وسيدي البرداي وسيدس شعار زكدي وسيدي البدوي سيدي القلعي وسيد البردي وسيدي شعار جامع الحفرة وسيدي يعقوب وسيدي إبراهيم المصمودي والسنوسنية وسيد الجبار والشرفة و جامع ابن مرزوق ولالا لغريبة وسيدي اللوزان والعاقبة وسيدي إبراهيم الغريب وسيد حامد وكلها هياكل دينية وفنية وعتيقة وبناؤها المعماري يوحي بتاريخ قديم أحاط ساحة لابلاس تكاد تكون خاوية على عروشها كلما نادى المنادي »الله أكبر حي على الصلاة« من كل مسجد شرقي وغربي وجنوبي لا يبعد عن الساحة التي يتفرق فيها شمل الجميع مع اذان أوقات الصلاة الخمسة المفروضة ثم تعود الحركة بمعنى الصفة تتبع الموصوف والنظام في لابلاس يعين نفسه دون ملفت وهكذا يبقى السرد مستمر فيها بتواصل الجماعة.