أحيا الجزائريون أمس وعلى غرار الأمة الإسلامية، شعائر ليلة القدر المباركة في أجواء روحانية و إيمانية عبر مساجد الوطن للوقوف عند مكارم هذه الليلة التي وصفها المولى عزّ وجل في كتابه الكريم "بليلة خير من ألف شهر"، أملا في رفع درجات الطائعين وغفران ذنوب التائبين. وكباقي ولايات الوطن، احتفى سكان ولاية وهران بهذه المناسبة الدينية الغراء، في أجواء بهيجة طبعها الكرم والذكر وتلاوة القرآن وإعداد مختلف الأطباق التي تحضرها النسوة لتزيين مائدة الإفطار، وبالمناسبة فقد كان الجامع القطب عبد الحميد بن باديس، وعلى غرار السنوات الماضية، منارة ومنبرا شامخا استقطب أمس جمعا غفيرا من المصلين، الذين أدوا صلاة التراويح في جو مفعم بالخشوع والوقار والدعاء، ليتم بعدها تنظيم مداخلات تبرز أهمية هذه الليلة المباركة التي أنزل فيها الفرقان، وتوزيع الجوائز على حفظة القرآن والأحاديث النبوية الشريفة من مختلف الأعمار، دون أن ننسى طبعا باقي مساجد الولاية والزوايا التي كانت في الموعد ولم تفوت هذه الفرصة المباركة، لختم كتاب الله عزّ وجل وتلاوة الأدعية والابتهالات على خير الأنام حتى مطلع الفجر، وبالرغم من التنوع الثقافي وتعدد المناطق في الجزائر إلا أن الاحتفال بليلة القدر في وهران يتشابه في العديد من هذه المدن، والفرق يكمن فقط في التفاصيل كنوع الأطباق المحضرة أو اللباس الذي يتم إلباسه للأطفال، حيث من العائلات من تستغل ليلة القدر لصيام الأطفال لأول مرة، إذ تعد لهم مشروبا خاصا بالماء والسكر وماء الزهر ويوضع بداخله خاتم من الذهب أو الفضة، في وسط عائلي يدفعهم للمواظبة على أداء فريضة الصيام في جو أسري بهيج. زيادة على قيام الكثير من الجمعيات الخيرية بتنظيم حفلات ختان للأطفال اليتامى والمساكين وتوزيع كسوة العيد على الفقراء، وزيارة المسنين في مختلف دور العجزة، دون أن ننسى طبعا قيام العائلات الوهرانية، بطهي شتى الأطباق والمأكولات التقليدية على غرار "الرقاق" وطبق "الزيتون" ومختلف الحلويات ك«الرفيس" و«التقنتة"..إلخ مع إشعال الشموع في المنازل، وقيام العجائز والجدات بوضع "الحناء" للأحفاد والحفيدات كتعبير عن فرحتهم بهذه الليلة الجليلة، التي هي تكريم من الله عز وجل وتفضل منه على أمة سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم، وأن من صادفها واجتهد فيها بالصلاة و الدعاء و الذكر فإن الله تعالى سيجازيه بجزاء أكثر من ألف شهر. فليلة القدر تكون حسب تفاسير العديد من الأئمة والمشايخ الأجلاء في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، وأن هناك رؤى من الصحابة رضوان الله عنهم تفيد على أنها ليلة السابع و العشرين، لذلك فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال "من أراد أن يلتمسها فليلتمسها في العشر الأواخر" وفي حديث آخر، "من أراد أن يلتمسها فليلتمسها في ليلة السابع والعشرين".