على مر الزمن لازالت المرأة إلى يومنا تعاني من اضطهاد وقهر المجتمع سواء بالسب أو الشتم والضرب والقتل والاعتداء وغيرها من السلوكات التي مصدرها الجهل وعدم احترام الطرف الآخر، كل الإحصائيات الميدانية التي قمنا بها حول" ظاهرة تنامي العنف ضد المرأة " في وسط المجتمع أكدت أن هذا السلوك لا يقتصر على جنس أو ثقافة أو بلد معين وإنما ظاهرة تمس الجميع ودون استثناء . "أنين حواء" على كل الموجات و الترددات حكايات وقصص للعديد من النسوة تعرضن إلى مختلف أنواع العنف هكذا قالت لنا السيدة بن خليفة نوال المشرفة على الموقع الإلكتروني لجريدة "الجمهورية" بالغرب الجزائري إذ أنها أكدت أنه من أبرز القصص التي عالجتها طيلة مشوارها الإعلامي والتي أثرت في نفسيتها معاناة السيدة" م جهيدة " التي كانت تبلغ آنذاك 30 سنة من عمرها و أم لطفلين قام زوجها بالتنكيل بجسمها بخنجر ساخن ولم يسلم حتي وجهها من لفحات هذا الخنجر ليشوهه بحروق من الدرجة الثالثة بعد شك راوده في ذهنه متهما إياها بالخيانة دون أدلة آو براهين تثبت هذه الجريمة قالت السيدة نوال بن خليفة أتذكر بل لن أنسى كل كلمة خرجت من فم الضحية التي روت قصتها بآلامها ومعاناتها فالضحية كانت تذكر بالساعة والتاريخ يوم فاجعتها فالزوج جاء يوم الثلاثاء في منتصف النهار بعدما دفع الباب يتهمها بالخيانة ليتم بعدها سجنها في إحدى غرف البيت ويجردها من ثيابها وكان كل 15 دقيقة يفتح الغرفة حاملا سكينا ساخنا ليضعه على أعضاء جسمها حتى وجهها لم يسلم من نار الخنجر وقد أكدت الإعلامية نوال بن خليفة أن معاناة الضحية وتنكيل جسمها دام 40 يوما إلى أن هربت إلى اقرب مقر شرطة بعدما نسي "جلادها" سهوا الباب مفتوحا ليتم تحويلها إلى مصلحة الحروق بالمستشفى الجامعي وأنصفت العدالة الضحية وحكم على الزوج ب 15 سنة سجنا نافذة. هذه حكاية من ضمن القصص التي تذكرتها الزميلة نوال و التي أثرت في نفسيتها حيث أن العديد من النساء بمختلف أعمارهن يتعرضن يوميا إلى مختلف أنواع العنف سواء باللفظ أو الشتم والضرب والاعتداء وحرمان المرأة من أبسط حقوقها كالتعليم أو الإرث أو غيرها من السلوكيات التي تذل المرأة وتسلب حقوقها المادية مشيرة إلى أن بعض النسوة يتعرضن في العديد من الأحيان إلى الاضطهاد نتيجة الجهل والعادات والتقاليد التي ترى أن المرأة كائن ضعيف يخضع للسيطرة إذ أنه في غالب الأحيان تتعرض إلى الإهانة والمهانة سواء من الزوج أو الأخ أو الأب وحتى من الأم. السيدة" نوال بن خليفة" التي خاضت تجربة أيضا بالإذاعة الجهوية لوهران تؤكد أن العنف أنواع فالتحرش الجنسي وعدم منحها فرصة لإثبات الذات لاسيما في العمل يعد أيضا عنفا إذ في الكثير من الأحيان لايسمح بإبداء الرأي بالإضافة إلى التميز والعنصرية و أكدت متحدثتنا أن السلطة الرابعة لابد أن تلعب دورا فعالا في فضح جرائم العنف بكل أنواعه خاصة التي ترتكب في حق المرأة كما ترى أن التربية أو المحيط الأسري يلعب دورا كبيرا في المساواة بين الرجل والمرأة كما أكدت على أن الجمعيات يجب أن تلعب الدور المنوط بها خاصة في تحسيس و توعوية المرأة بكامل حقوقها مع إنشاء مؤسسات قادرة على تقديم الضمانات للمرأة المعنفة هذا إلى جانب تفعيل دور ومسؤولية المؤسسات المدنية والاجتماعية من خلال إقامة الندوات في الجامعات والمدارس وأماكن العمل بهدف التعريف بكيفية دفاع المرأة عن نفسها و توجيهها نحو الجهات التي يمكنها أن تلجأ إليها لمساعدتها وحمايتها من العنف ، كذلك لابد من توعية الرجل بكيفية التعامل مع المرأة وإعطائها حقوقها، ونشر في المجتمع فكرة بأن المرأة هي نصف المجتمع ودورها مساندة الرجل في الحياة ومعاملتها الجيدة ستعود بالنفع له ولها . الدولة الجزائرية سخرت كافة الإجراءات لحماية المرأة أما السيدة حفيظة بن عرماس مديرة جريدة "كاب واست" الصادرة باللغة الفرنسية فقد اكدت من خلال تجربتها في تحرير مواضيع متعلقة بمكافحة العنف ضد المرأة تشير أن فخامة رئيس الجمهورية السيد "عبد العزيز بوتفليقة قد أعطى كافة الحقوق للمرأة الجزائرية ووضع لها مؤسسات من أجل الدفاع عنها فالجزائر لها تجربة كبيرة في مكافحة العنف ضد المرأة والتي يمكن أن تكون مرجعا يقتدى به فتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية ممثلة بوزارة التضامن والأسرة و قضايا المرأة قد عملت على تكريس جميع التدابير الخاصة بمكافحة كل أشكال العنف ضد المرأة انطلاقا من الخط الأخضر "1527 " كما أكدت السيدة بن عرماس حفيظة أنه ما تم تحقيقه مكسبا كبيرا للمرأة ومشجع للتطلعات المستقبلية لكن مع هذا فالمرأة لازالت تحتاج إلى مكاسب أخرى كخلق مؤسسات قادرة على توفير لها الأمن والأمان مشيرة أن القوانين الجديدة التي سنتها الدولة لمكافحة كل أشكال العنف دليل على إرادة الجزائر في ترقية المرأة والحفاظ على كرامتها . على الجمعيات أن تلعب الدور المنوط بها أما الصحفي بوعزة كمال من قناة النهار والذي أعد عددا من الربورتاجات حول هذه الظاهرة فقد صرح أن المرأة تعتبر الشريك الأساسي للرجل وأنه بدونها لا يمكن أن تستمر الحياة فالمرأة شمعة البيت ولابد من الحفاظ عليها فإن أعدتها أعدت شعبا طيب الأعراف فالإعلام له دور كبير في محاربة كل أنواع العنف الممارس ضد المرأة كما يجب أيضا خلق و وضع مؤسسات خاصة لتقديم ضمانات للمرأة المعنفة كما أن الجمعيات يجب أن تلعب الدور المنوط بها هذا إلى جانب تنظيم حملات وطنية للتوعية لكن في كل الأحوال -يقول السيد كمال- فإن التربية تلعب دورا كبيرا في القضاء على هذه السلوكات ومن جانب أخر فقد أشار أن الإسلام قد حفظ كرامة المرأة وهذا بالنظر إلى حياةِ النّبيّ عليهِ الصّلاةُ والسّلام مع نسائه، حيث نجد أنّهُ قد ضربَ أروعَ الأمثلة في فنّ التّعامل الرّاقي مع المرأة، والّذي سبقَ بهِ كُلّ دعاة الحضارة والتمدن، فقد كانَ عليهِ الصّلاةُ والسّلام يصفُ النّساء بالقوارير، وهي دليل الرّقّة والنّعومة عندَ المرأة، وهذا يدفع الرّجل للتّعامل معها برقّة حتّى لا تُكسَر ولا تُخدش. وكان يوصي بحُسن معاملة الأزواج لزوجاتهم بحيث تكون العلاقة بينهم علاقة مودّة ورحمة وليست علاقة استبداد. المتصلات بخلايا الإصغاء يرفضن تقديم شكاوي ضد جلاديهن وللوقوف ميدانيا على حالات العنف بولاية وهران قمنا بزيارة إلى عدد من المؤسسات التي وضعتها الدولة الجزائرية لحماية المرأة منها خلية الإصغاء على مستوى مديرية النشاط الاجتماعي وهنا التقينا بالمشرفين على تلقي المكالمات الهاتفية من الخط الأخضر الذين أكدوا أنه يوميا تستقبل المصلحة مكالمتين إلى ثلاثة تخص شكاوي نساء أو فتيات تعرضن إلى العنف سواء من قبل الزوج أو احد أفراد عائلتها أو شخص آخر لكن وفي كل الحالات تعدل المتصلة عن قرار المتابعة القانونية وتسحب الشكوى دون ذكر الأسباب متحججة أنها لا تريد مشاكلا رغم كل الضمانات المقدمة لهن من قبل أعضاء الخلية وفي هذا الإطار أكد المدير الولائي للنشاط الاجتماعي السيد " فضالة محند أمزيان" أن خلية الإصغاء تعتبر طوق النجاة للمرأة بمختلف الأعمار لكن في كل الحالات فان القليل من المتصلات على الخط الأخضر يواصلن الإجراءات القانونية في حق المعتدى رغم جميع الضمانات المقدمة لهن مشيرا إلى ضرورة تفعيل دور الجمعيات في عمليات التحسيس التي لازالت ناقصة لاسيما بالمناطق النائية أين تجهل النسوة وجود الرقم الأخضر كما يجب أيضا تنظيم ملتقيات وحملات عبر هذه المناطق هذا دون أن ننسى دور الأئمة في التحسيس وهذا بأدلة من الكتاب والسنة تنهى عن هذه السلوكات لأن الإسلام قد أعطى مكانة رفيعة للمرأة باعتبارها منبع السكينة والطمأنينة للرجل قال الله تعالى: "وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ" كما وردت آيات وأحاديث شريفة توصي بالمعاملة الحسنة للمرأة وإكرامها واحترامها وغيرها من الأخلاق الحميدة الذي يجب أن يتمتع بها الجنس الذكري للحفاظ على كرامة وعزة نفس المرأة. 98 قضية عنف ضد المرأة في 7 أشهر ومن جهتها كشفت رئيسة مكتب المجموعة الإقليمية للدرك الوطني بوهران ملازم أول "لوصيف ايمان" أن عدد القضايا المعالجة من قبل وحدات الدرك الوطني بوهران والمتعلقة بالجنايات والجنح فيما يتعلق بالأسرة وقضايا الآداب العامة فقد سجلت هذه الوحدات خلال 7 أشهر الفارطة من السنة الجارية 98 قضية منها 15 تتعلق بالضرب والجرح العمدي ضد الزوجة وقضية واحدة خاصة بالتهديد بالقتل وقضية واحدة تتعلق بالاغتصاب وقضيتين اختطاف بالعنف. هذا وقد أوضحت في نفس السياق مصلحة حفظ الجثث التابعة للمستشفى الجامعي بوهران أنه يتم استقبال يوميا أكثر من 5 إلى 6 حالات لامرأة تعرضت للعنف لكن في غالبية الأحيان فان المرأة تفضل عدم التبليغ عن جلادها وتسامح من كان السبب في إيذائها.