إذا كانت الحركة الشكلية من خلال روادها في روسيا :فيكتور شيكلوفسكي ويوري تينيانوف وبوريس أيشينباوم ورومان جاكوبسون وجريكوري فينكور ومن يدور في فلكهم ،إذا كانت هذه الطائفة أو النزعة المذهبية الإبداعية تغوص في علم الأدب ومعرفيته ،إذا كان المذهب أو التيار الرومانطيقي في الغرب يخاطب الأحاسيس وأغوار المشاعر وحقول التحرر ولا يخضع للرغبة المجردة كما في التيار الكلاسيكي ،على لسان : بول فاليري : " لا بد أن يكون المرء غير متزن العقل إذا حاول تعريف الرومانسية " من هذا المبنى التنظيري ، تطوي المبدعة مسافاتها وتركب منظاهها المخيالي ، فتزيح كل مدارج وعقبات التقيد لما تمليه الكلاسيكية المتحجرة قياسا مع الرومانطييقة التي تمنح للمدى وشائح الرومانسية ووشائجها .... من هذا المرفأ الإبداعي تحزم المبدعة الساردة والشاعرة إبداعا وشعوريا وحسيا حقائبها لترحل صوب مرافئها الإبداعية بعيدا عن كل وشاح ، إلا إذا كان بنفسجيا أو ورديا أو قزحيا .هذا هو مدى المبدعة الرومانسية ياسمينة وردة ، التي تموقعت بشكل لافت بالحقل الأدبي، وكانت تختزن إرهاصات ومرتكزات بينية على لسان لغة الرياضيين وإذا كانت الشفافية الإيحائية تطل من سنام غادة السمان كما النوق في رقصاتها ، فتترنح وتتبختر السنام فيها من على هودج البوح : بوحا و تطيمنا للدلالة في أبهى تجلياتها وتداعياتها ...فإن المبدعة الواعد ياسمينة تراقص إبداعها وتغازله بتشكيل تدويري ، تنويري حسب كل حالة شعورية أو حس بنائي هندسي لديها وفق مجريات شخوصها ووثبتهم وتحركاتهم بوعي ساردة تتحكم أيما تحكم في أدوات المد والمدد اللغوين . متانة اللغة لديها ولولبتها تكتسح أيضا بوعي بناءها الهندسي ، المعماري من نص لآخر حسب الحالة الجرئية لكل نص وحسب كل نمط بنائي . المبدعة ياسمينة وردة تؤثث شكلانيتها وفق مقتضيات ومتطلبات كل مرحلة زمكانية ، حيث " ترسكل "شخوصها لتطعيم أدواتها السردية بمتانة لغة وتشكيل لفظي آخاذ ، يختزن مرتكزا جديرا بالاحترام على صعيد " تشبيب " كل حالة ضمن مفصليات وسياقات لغوية من وتبة شعورية لأخرى، حتى لو أقتضى الحال حالات هولامية ،هستيرية أحيانا لتطعم مبناها العام ، لكنها مؤثثة دوما بوعي إداركي منها لتحريك شخوصها وفق مبتغاها اللفظي ، الدلالي والتنويري . ضمن هذين السياقين والأروقة تستجيب ملكتها طوعا وانسياقا وانصياعا لهذين اللونين : شكلانية علم الأدب عند الروس ومن يتبعهم في البنيوية والاغتراف من معين الرومانطيقة وأهواء ودلالات وهولاميات غادة السمان كمنهل آخر- ليس تقليدا، محاكاة – لتوطيد أواصر بنائها السردي الرومانسي الشفاف ضمن هذا المنحنى ترقد ملائكية وتجليات المبدعة السارة والشاعرة ياسمينة وردة . المبدعة ياسمينة وردة ليست ويوري لوتمان ولا رولان بارت ولا باشلار في فهومها ومفهومها ، هي جبران خليل جبران ، المنفلوطي ، وغادة السمان وهي المعين الذي يغترف من معروف الرصافي ، حافظ إبراهيم ، أحمد شوقي ، ايليا أبو ماضي والقائمة طويلة ، هي المعين الذي اغترف من هؤلاء وغيرهم على غرار أترابها وهي يافعة . من هذه الأنهار والروافد تفتقت مداركها وتدفقت شلالاتها، وهي التي كانت تلتهم هذه الموروثات والمرتكزات ،وهي ما تزال يافعة شأنها شأن كل مبدع يافع ، حيث اغترفت من هذا المعين ومن معين نزار قباني وهي يافعة في المرحلة المتوسطة والثانوية ، وصقلت موهبتها عبر السنين بالقراءات الأخرى عبر السنين لكبار الكتاب فتشبعت أيضا من منهل هؤلاء . هاهي الآن تتضح معالم ولاءاتها لجدية الحرف وترويضه، وها هي بفضل نبوغها وموهبتها الفذة تؤسس لنفسها مناعة إبداعية متفردة في تعاطيها مع الأحداث حتى السياسية منها، نمطية بنفس السلطة الإبداعية : تفردا وتميزا براهن الحقل الأدبي، جديرة أيضا بالتفاف الدارسين لها وهي مشروع نمط سلوك إبداعي سيكون له – لامحالة – شأن براهن السرد والشعر ، وقد لمست ذلك كمتتبع لنتاجاتها، خاصة وأنها تتميز على صعيد آخر بخصوبة مخيالها وخيالها ، وغزارة إنتاجها دون أن تفقد نفسها أو تستهلك أنفاسها ونفَسها، أو تسقط في متاهات التكرار وتكرار نفسها، كما هو السائد عند بعض المبدعين ممن يرتكزون على " الإسهال " في الكتابة ويسقطون في قبو الحشو أو الإطناب . المبدعة الساردة الواعدة ياسمينة وردة، أدركت بوعي حسي وإبداعي صادر من نبوغ متقذ أن الأمر مرهون بالتجديد، وهذا ما لمسته أيضا من خلال قراءاتي لكل نتاجاتها ،هي ذي المبدعة ياسمينة وردة في هذا البورتري الاستعجالي ، وهي تشق طريقها ومسارها بكل تؤدة ، لا يسعني في الأخير – كمتلق – طبعا إلا أن أشد أزرها ، مع تمنياتي لها بوافر السداد في مسارها الإبداعي الذي يبشر بخير وبمشروع كاتبة من العيار الثقيل ، ولا يسعني بالمقابل إلا أن أقول لها : تربت ْ أناملك ومواويلك ، ونرجسية ترانيم البوح في إبداعاتك ، نرجسيية تختزن مألا ومأمولا سيشع لا محالة كما السناء، رافعا كبرياءه الإبداعية لا غطرسة " الأنا "ترتبْ أنامك وتربتْ أطيافك نحو المدى الذي تنشدين ، فإنه مدى يراع يحرث ويبذر الإبداع بأحقية القول على لسان الفقهاء : تربت يداك .... تربت يداك .