أكدت لنا السيدة بوشيخاوي اسمهان أستاذة علم الاجتماع التربوي بجامعة وهران 1 على أن الانترنيت أصبح يشد انتباه الفرد بنسبة 95 بالمائة ولاسيما حينما يدمن عليها ويقضي وقتًا طويلًا على حساب الزمن الذي كان ينبغي أن يقضيه مع أصدقائه أو عائلته حيث أنه يتقوقع و ينغلق على نفسه . كما أن العلاقات تحولت إلى علاقات افتراضية ، مضيفة على أن مواقع التواصل الاجتماعي و على رأسها الفايسبوك ساهمت في ظهور سلوكيات ومصطلحات كانت تبدو غريبة على مجتمعاتنا العربية و الاسلامية وبات من السهل على الرجال و النساء التحدث إلى بعضهم البعض بلا حواجز أو وسائط أيضا حيث تفشت من خلاله الأمراض الجنسية و النفسية و ضاعت خصوصيات الأفراد في العالم الافتراضي و غاب الوازع الديني . و على مستوى العلاقات الأسرية انتقدت المختصة في علم الاجتماع الغياب الروحي والعاطفي بين أفراد الأسرة برغم الحضور الجسدي ، حيث يمسك كل منهم بهاتفه في غفلة عمن يجلسون معه. وأضافت أن من بين أهم التأثيرات في مجال التربية انشغال الآباء والأمهات بوسائل التواصل ، والذي جعلهم يقصرون في واجبهم تجاه أبنائهم وبناتهم في التربية و التوجيه ، وفي المقابل انشغل الأبناء والبنات بوسائل التواصل وقصروا مع والديهم في البر والطاعة. و ترى أيضا السيدة بوشيخاوي أن استعمال الانترنيت و الانشغال بالهواتف الذكية والتطبيقات نوع من العقوق والتكاسل عن صلة الأرحام ، وأشارت إلى وضوح هذا الأمر حيث حتى المناسبات كالأعياد الدينية و الميلاد و حتى تقديم التعازي أصبحت تتبادل عبر هذه المواقع عكس السابق ، فالتواصل والصلة التي كان الناس يهتمون بها ويحرصون عليها تراجعت كثيرا بعد هذه الوسائل، وربما الحضور المتواصل في وسائل التواصل قلل من الدافع النفسي للصلة المباشرة، وهذا سينعكس بالطبع على العلاقات بين الأقارب والأرحام و يرهن العلاقة مع بعضهم البعض . كما ذكرت الأستاذة الجامعية على أن الأجهزة أسهمت بشكل ملحوظ في انشغال بعض الناس عن الآخرين في حضورهم ، خاصة مع كبار السن من أجداد و غيرهم و بالتالي فقد أصبح بعض كبار السن يشعرون بالعزلة عن أقاربهم لانشغالهم بالأجهزة أثناء زيارتهم لهم بدلًا من الحديث معهم والاهتمام بهم. وأردفت أن ارتباط الأطفال بتلك الأجهزة قد يؤدي إلى شعورهم بالملل من الزيارات العائلية وصلات الرحم ، فيجدون في هذه الأجهزة مهربًا من محاولة قضاء الوقت بالتواصل الفعلي الواقعي مع أقاربهم ، وبالتالي يبدأ الأقارب في الشعور بشيء من القطيعة الوجدانية معهم وإن كانوا حاضرين بأجسامهم. و من السلبيات أيضا التي نجمت عن وسائل التواصل الاجتماعي الخيانة الزوجية أو ما يمسى الخيانة الرقمية حيث أن هذه المواقع قربت كثيرا العلاقات غير الشرعية ما بين الرجال و النساء و أضحى التحدث مع بعضهم سهلا للغاية فالرجل يجلس في غرفة مستعملا الانترنيت و الزوجة كذلك دون المبالاة بالحياة الزوجية حتى تنفجر الأوضاع إلى ما لا يحمد عقباه و يكون الضحية الأول فيها هم الأولاد كما أنه تسبب في إهمال الواجبات كالخدمات المنزلية . و من جهة أخرى فقد نوهت السيدة اسمهان أن حتى الطلاب و التلاميذ تكاسلوا و تراجعت مرودية الدراسة لديهم حيث أصبح الطالب يتكل على هذه الوسائل في الامتحانات و الاختبارات و كذا البحوث العلمية المطلوبة منه ، كما أنها مست حتى المنظومة التربوية و أصبح الغش يميز كل الامتحانات و الدليل على ذلك ما حدث منذ سنتين في امتحانات شهادة الباكالوريا و ما يحدث داخل الجامعة. و عن الايجابيات فقد ذكرت الأستاذة البعض منها حيث أن الانترنيت حسبها و مواقع التواصل الاجتماعي قربت ما بين العائلات لا سيما تلك التي لم تلتق مع بعضها البعض منذ سنين و كذا سهلت عمليات البيع و الشراء في مختلف الأشياء و الأمور كالمنازل و السيارات و الكراء و غيرها و كذا حجز تذاكر السفر ، العمل الخيري كالمساعدات المالية التي تقدم للأشخاص من أجل العلاج ، البحث عن فصائل الدم و غيرها . أما عن الحلول المقترحة لتفادي تنامي الآثار السلبية للانترنيت فقد قالت الأستاذة على حتمية توعية العائلات و التركيز أكثر مع الأطفال و القصر و مراقبتهم ، كما أن الدولة ممثلة في الهيئات المختصة لا بد أن تعتزم على تدعيم مشاريع انجاز النوادي ، الملاعب المخصصة للنساء و الرجال و الاطفال و هذا من أجل الترفيه و قتل الفراغ الزائد الذي ساهم اأيضا في تنامي ظاهرة الإدمان على الانترنيت .