يقوم العديد من المواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية ومن مناطق متباعدة بوهران بزيارة العجزة والمسنين في دور إقامتهم ولا تقتصر هذه الزيارات على المناسبات الدينية والوطنية بل هناك من المحسنين ومن فاعلي الخير والمهتمين بالفئات المعوزة والمحرومة في مجتمعنا والعاملين على صلة الرحم والتواصل مع فئة العجزة والمعاقين، وفي دار المسنات بحي السلام بوهران حضرنا وبالصدفة الى نشاطات متنوعة وعدد كبير من أطفال رياض طيور الجنة بعين البيضاء وحوالي 30 فتاة من طالبات الإقامة الجامعية زدور إبراهيم بلقاسم للبنات يمثلن المنظمة الوطنية للتضامن الطلابي فرع وهران، ملابس وعطور وهدايا متنوعة قدمها زوار الدار الى نزيلاته في جو من الفرحة والبهجة زاده حضور البراعم رونقا وجمالا وتعالت زغاريد الأمهات والعجائز كتعبير منهم عن الشكر والإمتنان لهؤلاء ممن لم ينسوا ولم يتناسوا هذه الشريحة التي تعيش النكران والجحود من قبل أقرب الناس إليهم من أولادهم وبناتهم وحسب الطالبة بورحلة نبيهة من قسم الإعلام والإتصال فإن إلتفاف الطالبات حول هؤلاء النسوة يعد عمل إنساني تضامني وأن هذه الزيارة الخيرية كانت لها آثار كبيرة على المقيمات اللواتي فرحنا بقدومنا وكذلك على الطالبات لأن وضعية النزيلات وتفشي ظاهرة طرد الأولياء الى ديار العجزة تضرب في صميم الذات البشرية ومن غير المعقول أن يفقد بعض الأبناء في عصرنا هذا الحنان والعاطفة ويتجمد قلبه الى أن يهمل أقرب الناس إليه أمه التي حملته في بطنها وقاست من أجل تربيته أو والده الذي تعب وكدّ من أجل توفير ضروريات الحياة له أدبه وعلمه وشد على ساعده الى أن أصبح شاب يافعا، وبعدها يكون مصيره النكران، أما النزيلة فاطمة ذات 23 ربيعا فأكدت لنا بأنها ليست عاجزة وغير مريضة وأن القدر هو الذي أتى بها الى هذا المكان وأنها ضحية صراع إخوتها على الميراث بعد وفاة والديها وبعد زواج آخر أصغر إخوتها طردتها زوجته، دون أن يحرك ساكنا بعدما إفتعلت لها عدة أسباب ولفقت لها كثير من التهم، أما المسؤول عن المركز فلقد أكد لنا بأن العمل لا يقتصر على إستقبال الزوار فقط بل أن عماله يقومون هذه الأيام وخاصة مع موجة البرد القارس بالبحث عبر مختلف أحياء الباهية عن المتشردين لجلبهم الى المركز والإعتناء بهم من حيث الإيواء والملبس والمأكل وأنهم إستطاعوا إنقاذ العديد من المتشردين من مخاطر الموت أو الأمراض من جراء موجة الحرارة المنخفضة والأمطار الغزيرة المتهاطلة على القطاع الى إلتفاتة أكبر من كل شرائح المجتمع من حركات وجمعيات وزيارات المجاملات والمواسات وإن كانت تثلج صدور النزيلات فإنها لا تكفي للشفاء من مرض مزمن إسمه العقوق الأسري وعلى الهيئات الرسمية والسلطات الوصية التفكير في تطبيق قوانين صارمة ضد كل من يخل بواجباته إتجاه والديه وكذلك كل من يلقي بأمه أو بأبيه في الشارع أو حتى في دور العجزة لأن الوالد أو الأم الحبيبة مكانهما البيت العائلي وتوفير كل المستلزمات المادية المختلفة وما يقوم به المواطن من زيارات مناسباتية جميل وغيرها جميل وحسن إلا أن حقيقة الأمر هي توقيف نزيف التشرد الأبوي والإهمال القائم في حق الأمهات والأخوات، فالمستقبل المشرق لا يمكن له أن يجسد بدون هؤلاء الآباء وهذه الأمهات الحبيبات مهما كانت وضعياتهم الصحية والنفسية ويكفي أن نتفكر قول الرسول صلى اللّه عليه وسلم: »أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك واللّه لا يضيع أجر المحسنين«.