تعزيز التعاون والتكامل بين قطاعي التعليم العالي والتكوين والتعليم المهنيين محور لقاء بين الوزيرين    مجموعة "سادك" تجدد التأكيد على دعمها لاستقلال الصحراء الغربية    القضاء على داء السل في الجزائر التزام ثابت للدولة    السيدة حملاوي تبرز أهمية توسيع النقاش مع جميع فعاليات المجتمع المدني    عرقاب يبحث تعزيز الشراكة الاقتصادية مع وزير التجارة والاندماج الإقليمي الإثيوبي    حج 2025: المعتمرون مدعوون للالتزام بالإجراءات التنظيمية التي أقرتها السلطات السعودية    استحدثنا تطبيقا رقميا للمداومات بخاصية التبليغ في حال عدم الالتزام    قطاعه يسعى إلى" تطوير منظومة التعليم القرآني في الجزائر"    رئيس الجمهورية يترأس اجتماعا لمجلس الوزراء    تصفيات مونديال 2026: الجزائر- موزمبيق: "الخضر" يرفعون من وتيرة التدريبات بسيدي موسى    وزير الثقافة والفنون يؤكد أن السينما الجزائرية تعرف "ديناميكية حقيقية"    المهرجان الوطني لأغنية الشعبي: الإعلان عن الفائزين في ختام الطبعة ال14    باتنة: الفنان بلال بوطبة يتوج بالجائزة الوطنية الشهيد مصطفى بن بولعيد للفن التشكيلي    منظمة التعاون الإسلامي تدين محاولات شرعنة المستوطنات الصهيونية بالضفة الغربية    مولوجي تشارك في اكبر مائدة إفطار بالبليدة    الأونروا: حظر الاحتلال الصهيوني للمساعدات يدفع بغزة نحو أزمة جوع حادة    وزارة الشباب تنظم حملة تحسيسية حول مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية    أشواط كبيرة قطعناها لتحقيق الأمن الغذائي والمائي    إدماج 82410 أستاذ متعاقد في مختلف الأطوار    التزام بتحسين الطرق والمنشآت القاعدية بغرداية    خدمات إلكترونية متعدّدة في "فضاء الهناء"    افتتاح المدارس التعليمية الموسيقية ب19 ولاية    الموافقة على تعيين سفير الجزائر بساوتومي وبرانسيب    صناعة النسيج.. إمكانيات كبيرة لتحقيق الاكتفاء الذاتي    "سوناطراك" تكرّم حفظة القرآن الكريم    الخلاف مع فرنسا مفتعل.. ولا مرجع للتعامل إلا مع ماكرون    سعي حثيث لتحقيق التميز العلمي    سعداوي يثمن قرار رئيس الجمهورية المتعلق بإدماج 82410 أستاذا متعاقدا في مختلف المراحل التعليمية    رئيس الجمهورية يجدد التزامه بالحفاظ على الطابع الاجتماعي للدولة..مواصلة رفع الأجور ومنحة البطالة تدريجيا    رئيس الجمهورية يأمر باتخاذ كافة التدابير لمواجهة أسراب الجراد بالجنوب    الاحتلال الصهيوني يعمّق الأزمة الإنسانية في غزة    في السعودية.. موائد إفطار للجالية الإسلامية    توقع انتعاش كبير الاقتصاد الوطني.. خطوات كبيرة نحو تحقيق الأمن الغذائي والمائي في الجزائر    أشغال عمومية: رخروخ يستقبل نائبا بالمجلس الشعبي الوطني عن ولاية غرداية    غياب آلية الرقابة يشجّع المخزن على التمادي في انتهاكاته    حصيلة الشهداء في غزة تتجاوز 50 ألفا..الاحتلال الإسرائيلي يوسع المجازر والهجمات البرية    المعرض التجاري الإفريقي الرابع بالجزائر: إطلاق النسخة الثانية من جائزة النشر في إفريقيا    بيتكوفيتش يعول على ثنائية غويري وعمورة ضد موزمبيق    أشبال بوقرة يختتمون تربصهم بعنابة    بدور بن وشفون نجمة واعدة تضيء الشاشة الجزائرية    الأعرج يحتفل بعشرينية "الأمير"    خلال لقاء نظم بالجزائر العاصمة..استذكار مآثر مؤسس الطريقة البلقايدية الهبرية    الميل القلبي إلى المعصية… حكمه… وعلاجه    عودة قوية لبلايلي    ماذا قال ابن باديس عن ليلة القدر؟    قوجيل: رحيل مناد فاجعة أليمة    نيم ينعي مناد    تصرف روتايو تجاه الجزائر يزعج ماكرون    تصفيات مونديال 2026: تشكيلة المنتخب الوطني تستأنف تدريباتها بسيدي موسى    بلايلي: هذا الأهم بالنسبة لي..    محرز.. 100 لقاء دولي    فتح الرحلات عبر "البوابة الجزائرية للحج" و"ركب الحجيج"    رئيس الجمهورية يجري لقاءه الإعلامي الدوري مع ممثلي الصحافة الوطنية    سايحي يبرز مجهودات الدولة    مدرسة الصيام الربانية    دعاء الجماعة أَوْلَى بالقبول من دعاء الفرد    السيد سايحي يبرز مجهودات الدولة في توفير الهياكل الصحية عبر مختلف ربوع الوطن    متى يباح الإفطار للصائم    









في نقد سوسويولوجية "بيار بورديو"
نشر في الجمهورية يوم 19 - 02 - 2018

لقد عرف علم الاجتماع كباقي العلوم مراحل حاسمة من التطور على مستوى البنية التحليلية؛ و كرنولوجيا هاته الوثبة كانت خلال ستينيات القرن الماضي، عشرية تعتبر منعرجا حاسما عرفته عمليات التفكيك السوسيولوجي التي قادها كشخصية بارزة پياربورديو Pierre Bourdieu (01 أوت 1930 – 23 يناير 2002) عالم اجتماع وانثربولوجي فرنسي، وأحد الفاعلين الأساسيين بالحياة الثقافية والفكرية بفرنسا، وأحد أبرز المراجع العالمية في علم الاجتماع المعاصر. بدأ نجمه يبزغ بين المتخصصين مباشرة بعد إصداره كتاب الورثة عام 1964 (مع جونكلود باسيرون) وكتاب "إعادة الإنتاج" عام 1970 مع المُؤلِّف نفسه، بالإضافة لمؤلفين آخرين لهما من الأهمية القصوى بمكان الأول هو("الاجتثاث-Déracinement "1964)و ("الهيمنة الذكورية- Domination masculin1998 ).
بيد أن تلك الدراسات التي يرفعها البعض لدرجة "التقديس" والبعيدة عن النقد والتمحيص لم تكن إلا إعادة لما جاء به من سبقوه؛ علينا الإقرار أن عبقرية "بورديو" تكمن في جعل تلك المصطلحات المستعارة من كل من ( ماركس- غرامشي- دوركايم...) ،كما سنتطرق لذلك في خضم المقال،براديغمات مصطلحاتية اتخذت بعد توظيفها من طرف بورديو طابعا أكثر تعقيدا وأكثر تماشيا مع الواقع الذي عاصره هو بنفسه؛ وتحديدا واكبت الحراك الثوري الذي عرفه المجتمعالفرنسيسنة 1968؛ فيما عرف آنذاك (بأحداث جامعة نانتير).
رأس المال الاجتماعيو الماركسية المستعارة.....
يعتبر مفهوم رأس المال والجدل المادي مفهوم أصيل للفيلسوف والمنظر الاجتماعي الألماني"كارل ماركس، غير أن "بورديو" بالرغم من تنصله من كونه ماركسي المنطلق التحليلي إلا أن واقع كتاباته يجعلنا نقف أمام "بورديو" الماركسي المنافح المدافع بضراوة على نفس مبادئ ماركس التي تضمنها كتابه "رأس المال" المؤسس لأركان النموذج الاشتراكي؛ اجتهاد "بورديو" الوحيد يتمثل بتحويره لمفهوم "رأس المال"؛ فجعله يتجاوزه بعده المادي الاقتصادي " الكلاسيكي " ومكنه من أن ينفذ إلى أبعاد أخرى متعددة الأبعاد؛ فهناك عدة صور لرأس المال كما جاء به "بورديو" على غرار رأس المال الثقافي، ورأس المال الاجتماعي، ورأس المال الرمزي، فهو يرى أن العالم الاجتماعي يمكن إدراكه كفضاء متعدد الأبعاد Multi DimensionalSpace يتشكل واقعياً من خلال الهيمنة على الأشكال المتنوعة لرأس المال؛ فالتاريخ من رؤية "بورديو" ليس صراع مادي خالص كما كان مع فلسفة ماركس الجدلية، وإنما صراع وتناحر ثقافي، هذا ما أوجزه "بورديو" في مصطلحه الموسوم "بالرأس المال الثقافي أو الاجتماعي"، ويقرر بورديو أن رأس المال الثقافي يتشكل من خلال الإلمام والاعتياد على الثقافة السائدة في المجتمع وخاصة القدرة على فهم واستخدام لغة و ثقافة راقية، ويؤكد على أن امتلاك رأس "المال الثقافي" يختلف باختلاف الطبقات، بالخصوص في المجال التربوي.وهي رؤية تجعل كل طبقة اجتماعية تعيد إنتاج نفسها وفق إكراهات دائرية مغلقة تعمل شكل ميكانيكي، وهذا افتراض نظري من طرف "بورديو" ينفي الاجتهاد والتميز للفرد بعيدا عن محيطه الأسري والاجتماعي، هذا معطى لطالما انتقد فيه.
"شبح اميل دوركايم من خلال الهابيتوس".......
يعد مفهوم "الهابيتوس L'HABITUS من المفاهيم الأساسية المركزية في سوسيولوجيا بورديو وأكثرها إثارة للجدل ترجم هذا المصطلح في العربية بلفظ " التطبع أو السجية " أو العقل المبرمج الذييوجه السلوك توجيها عفويا وتلقائيا، ويأخذ هذا المفهوم أهميته في نسق المفاهيم المركزية عند "بياربورديو" مثل الحقل والرمز والعنف الرمزي. فالفرد يتشكل على نحو لاشعوري في بيئته الاجتماعية في غمرة ثقافة متدفقة من الإشارات والمعاني والدلالات والوضعيات والرموز والتصورات التي تتفاعل لتشكل عمقه الوجداني السلوكي وتحدد طباعه ونظرته إلى الكون.الهابيتوس كفكرة ليست بمستجدة على حقل التنظير السوسيولوجي فمواطنه عالم الاجتماع الفرنسي (اميل دوركايم 1858- 1917) قد سبقه في دراسة البعد الدلالي "للهابيتوس" عند "بورديو"، لكن في خضم مصطلح دوركايم الأصيل والمتمثل في "الضمير الجمعي"، تحديدا في مؤلفه "تقسيم العمل الاجتماعي" حينها كان يقصد به باختصار تلك القوة الرمزية القهرية التي تمارسها الجماعة على الفرد؛هذا الأخير الذي تذوب "آناه" ضمن نطاق محددات الجماعة (الأخلاقية، التربوية، التضامنية ...)، وبالتالي "فبورديو" ضمن إطار طرح الهابيتوس لم يأتي بالجديد؛ بل اكتفى فقط بأطروحة اميل دوركايم ، بعدما أبرز هذا الأخير قوة الجماعة في إعادة إنتاج نفس الأنساق الثقافية؛ من خلال التركيز على مخرجات مؤسسات التنشئة الاجتماعية ( المدرسة، الأسرة، المؤسسة الدينية، الدولة ...)؛ الاختلاف الطفيف بين المفكرين يكمن فقط في تركيز دراسة كل واحد منها على نطاق جغرافي وحضاري يختلف عن الآخر؛ "فالضمير الجمعي" الدوركايمي ركز على المجتمعات ذات التضامن الآلي أي مجتمعات الجنوب جنوب، بين مصطلح "الهابيتوس" مع بورديو لا نكاد نجزم على أنه مجرد امتداد لأفكار "دوركايم"، الاختلاف كما ذكرنا آنفاً يكمن فقط في نطاق دراسته التي ركزت على المجتمعات الأوربية والغربية بالتحديد، بعدما لاحظ بورديو توسع قاعدة الطبقة البرجوازية ما أنتج في بلدان الشمال أزمات نتيجة هوة مادية وثقافية؛ شكلت لنا بؤر ثقافية مغلقة؛فابن الطبيب أضحى بالضرورة طبيبا في المستقبل؛ وابن الخباز تنشئته الوالدية تجنح به كذلك لأن يصبح خبازا كذلك، مرجعا "بورديو" ذلك لآلية كل نسق باعتبار أن الفروقات الثقافية يكتبها الفرد من انتمائه المادي الذي أضحى يرتبط بشكل مباشر بالانتماء الثقافي. بالرجوعكذلك لأصل الفكرة فهي ذات مرجعية "دوركايمية" ضمن محددات تمثلات الجماعة، هذا يعنى أن ميزاتها الفريدة لايمكن اختزالها في الوعي الفردي وهذا يضعها داخل إطار الحقائق الاجتماعية غير المادية الثابتة.
للتواصل : OMAR.SOCIOLOGIE@YAHOO.FR


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.