- حمى الشراء تصيب العائلات قبل عيد الفطر و طوابير بالاسواق والمحلات رغم الغلاء - ثقافة الاستهلاك المفرط و التخزين الذي يسبق كلّ مناسبة لا يعكسان تدني القدرة الشرائية
من يعتقد أن القدرة الشرائية للمواطن الجزائري في تدني مستمر بسبب الزيادات التي لا تعرف نهاية في كل شيء سيغير نظرته بدون شك عندما يقصد الأسواق و المحلات التجارية وجميع الفضاءات التي تشهد حركة غير عادية مع اقتراب أي مناسبة حيث يدرك تماما أن ثقافة الاستهلاك المفرط سيطرة وأحكمت قبضتها على عقول الجزائريين ورغم أنهم يشتكون و يبكون من الغلاء الفاحش إلا أنهم يقبلون على كل شيء وتجدهم يتدافعون و يتشاجرون في طوابير غير منتهية لشراء الكماليات قبل الضروريات ومن المفارقات العجيبة أنهم يقتنون بالجملة ما يكفيهم لأسبوع أو أكثر ويساهمون بصورة غير مباشرة في ارتفاع الأسعار لاسيما مع حلول اي مناسبة دينية أو احتفالية وهو ما يفسر تهافت العائلات على الأسواق رغم أن قدرتهم الشرائية ضعيفة والظاهر أنهم يصرفون أكثر من مدخولهم الشهري رغم أنها معادلة يصعب علينا حلها إلا أنها حقيقة يعيشها المجتمع الجزائري وسيناريو يتكرر مع اقتراب أي مناسبة التخزين والشراء بالجملة فقبل حلول رمضان بأسبوع أو اثنين تتحول وجهة العائلات نحو الأسواق ومحلات البيع بالجملة حيث تقتني الخضر بالصناديق و بكميات هائلة ونفس الأمر بالنسبة للمواد الغذائية الواسعة الاستهلاك كالسكر و القهوة و الزيت والطماطم المعلبة وحتى المشروبات والعصائر و منتجات التحلية وجميع الكماليات تدخل ضمن قائمة المواد التي تخزن بالجملة استعدادا لاستقبال رمضان و حسب احد بائعي الجملة بحي سنانيس فان نشاطهم يتضاعف مع اقتراب المناسبات إلى درجة أن إقبال المواطنين على محلاتهم يفوق تجار التجزئة وتصل في بعض الأحيان فاتورة المواد لتي يقتنيها رب عائلة دفعة واحدة إلى 20الف دج يدفعها الزبون في دقيقة مع العلم أن الأجر القاعدي للموظف الجزائري يقل عن ذلك لكنك تجد السواد الأعظم منهم محدودي الدخل و يحتلون الصفوف الأولى في الطوابير وحتى خلال رمضان لا تتوقف ثقافة الإقبال على كل شيء وهو ما يفسر الازدحام والاختناق التي تشهده يوميا الأسواق الشعبية وهنا نطرح السؤال حول جدوى التخزين الذي يسبق الحدث مادام أن مواطن الجزائري لا يتوقف عن الشراء طيلة أيام الشهر الفضيل وليس كل ما يشتريه يستهلكه أيضا محلات وأسواق لا تخلو من المتسوقين طيلة أيام رمضان ومن خلال جولتنا باسواق وهران وقفنا على هذه الظاهرة التي تشتد حدتها في شهر الصيام وقبل عيدي الفطر والأضحى حيث وجدنا معظم المحلات على اختلاف نشاطها مكتظة بالزبائن لدرجة أن طوابير الانتظار تمتد إلى الخارج بفعل الاجتياح العارم من المقبلين على التسوق خلال هذه الأيام بشكل يوحي إلى أن هناك أمر ما ستحدث من فرط ما يقتنونه من أصناف المواد الغذائية و الخضر و اللحوم و الأسماك رغم غلائها وغيرها من المواد التي يقتنيها بشكل عشوائي ومن المقتنيات ما هو غير مألوف حيث يشترون كل شيء بالزيادة وكأنه لن يكون هناك متسع آخر لشراء ما يلزم والزحام فيها لا يقتصر على النهار بل قد يكون في الفترة الليلية أكبر منه من الفترة الصباحية لاسيما أواخر رمضان أين يكثر الإقبال ليلا على محلات بيع ألبسة واحذية العيد ما يصرف في الايام العادية يستهلك بالأضعاف في الشهر الفضيل و الغريب من كل ما يحدث ان ما يستهلك في رمضان يعادل أضعاف ما يصرف في الأيام العادية وصرح بائع بسوق المدينة الجديدة متحدثا للجمهورية إن الغريب حين تتجول في الأسواق أنك تجد بعض العائلات حالتها المادية متدهورة لكنها في الشهر الفضيل تتفنن في اقتناء مشتريات خاصة بالشهر الفضيل قد تكفي لأيام ويستهلكونها في ليلة وأكثرها يرمى في سلات المهملات الكفتة والمرقاز والسمك المجمد لا تغيب عن موائد الإفطار قمنا في جولة بالسوق ووقفنا عند بائع اللحوم الطازجة ولمحنا البائع الذي كان يسرع في تلبية طلب الزبائن المحاطين به ورغم أن سعر الكيلوغرام يتجاوز عتبة 1500دج الا ان الطلب كان مرتفعا على وزن قطعة أو اثنين صغيرتين بسعر يتراوح مابين 300 او700دج وهناك ممن يشترى اللحم بالقطعة وكمية الكفتة بسعر 250دج والمرقاز ب300دج دفعة واحدة دون احتساب ما يضيف إلى هذه المشتريات كيس من السمك المجمد حسب النوعية ومن الزبائن من لم يكن قادرا على حمل القفة ليقصد القصابات لشراء اللحم هذه عينة من المواطنين التي تشتهي دون أن تتفاوض في السعر ما تراه الأعين وما يدغدغ البطون مع العلم انه قائمة هذه المقتنيات للشخص الواحد تكلفه حوالي ما يفوق 1800دج تدفع لجزار لوحده دون إضافة ما موجود من مشتريات أخرى في القفة المهم ان يتوفر الطلب ولا يهم السعر قصدنا بائع السمك الطازج و صادفنا زبون يسأل عن سمك الروجي من الحجم الكبير فرد عليه البائع أن غير متوفرحاليا بسبب ارتفاع سعره بالمسمكة وهو مادفعه بعدم المغامرة وشراءه خوفا من الخسارة ليفاجأه الزبون الذي ترك له طلبية بجلب هذا السمك ولم يستفسر عن السعر وان كان يدل على شيء فهذا يعني أن الجزائري لا يحرم نفسه ولا يقف عاجزا أمام أي شيء يشتهيه ولايتردد ليشتريه حتى ولو كان على حساب الشهرية وقد يكون السبب الرئيسي شهية الصائمين في فترة الصيام بالنهار تكون مفتوحة على أشياء كثيرة ما يدفعهم إلى التسوق لإشباع رغبتهم في مختلف السلع الغذائية وسألنا بعض المتبضعين مع اقتراب العيد حول ميزانية رمضان و غلاء الأسعار فكان ردهم مشترك وبعبارة رددها كل من وجهنا له هذا السؤول وهي « معيشة أصبحت غالية والقليل لا يستطيع أن يتكيف مع الوضع « و قالت سيدة « الأسعار نار و الميزانية نفذت في منتصف رمضان « واكتفى مواطن أخر بالقول « ماقدرناش على الزيادات « وغيرها من التصريحات التي تصب في شكوى الغلاء وإذا كان الكلام يعبر عن حسرة الزوالية من ارتفاع الأسعار فان السلوك يختلف كما وكيفا فالكل يشتكي و الكل يشتري عائلات تشتري أكثر من بدلتين للطفل الواحد تحسبا للعيد وحتى قبل عيد الفطر ترى المواطنين يشتكون من ثقل ميزانية شهر رمضان والتي تفوق رواتبهم وتدفعهم للاقتراض ولكن رغم ذلك لا تجد محل ملابس ولا سوقا إلا وكان ممتلئا عن آخره في الأيام الأخيرة لشراء ملابس العيد إلى درجة أن السلع تنفذ والطلبات لا تتوقف وهو ما لا حظناه بشارع العربي بن مهيدي حيث تتوافد العديد من العائلات لاقتناء كسوة العيد مرفوقة بابنائها وقصدنا إحدى المحلات التي كانت تعج بالنسوة ووجدنا سيدة رفقة ابنتيها تقوم بقياس فستنان لإحداهن وعندما سألنها عن السعر فردت انها بصدد اقتناء بدلة ثانية لقرتي عينيها وقالت أنها دفعت قرابة مليوني ونصف في البدلة الأولى لبنتيها و ستشتري فساتين خاصة بثاني أيام العيد ومن هنا تتضح جليا ان لا مشكلة للجزائريين في الشراء ولا في ارتفاع الأسعار مادام أنهم قادرين على الدفع حتى وان كانت الأعباء ثقيلة و متراكمة في وقت واحد نفس السيناريو يتكرر مع الدخول المدرسي والأكثر من ذلك فان ثقافة الجزائريين أصبحت مشتركة فالجميع اصبحوا يطلبون نفس الأشياء و يخرجون في وقت واحد و ويقصدون نفس الأماكن و يشتهون نفس الأشياء و يشترون نفس عدد البدلات لا طفالهم حيث تصل إلى ثلاث بدلات على عدد أيام العيد بحجة أن هذه المناسبة غير بعيدة عن الدخول المدرسي وبالتالي لا يشترون أخرى جديدة تحسبا لذلك ومع ذلك يتكرر نفس السيناريو فتجد طوابير على محلات بيع الألبسة والاحذية وعلى المكتبات لشراء اللوازم المدرسية