أجمع المتدخلون في منتدى «الجمهورية» الذي نظم أمس بجريدة «الجمهورية»، أنّ المجاهد المرحوم بلحاج بوشعيب المعروف ب «سي أحمد»، كان زعيما محنكا وقدوة حسنة للشباب. وأضاف ضيوف «منتدى الجمهورية» الذي نشطه أساتذة مختصون وشخصيات من الأسرة الثورية بوهران وعين تموشنت، أنّ الراحل الذي تزامنت ذكرى ميلاده مع الاحتفالات المخلدة للذكرى ال56 لعيدي الاستقلال والشباب، كان شخصية فريدة من نوعها، وثوريا لا تزال بطولاته إلى اليوم شاهدة عليه، مبرزين أنه كان رجلا متواضعا وهادئا ولا يحب الظهور الإعلامي، ما جعله محبوبا لدى جميع الجزائريين. وأكد بلحاج محمد أستاذ بجامعة وهران، أن « سي أحمد « انخرط في صفوف الثورة منذ الثلاثينيات، وقد نشأ وسط عائلة متواضعة، حيث توقف عن الدراسة نظرا للظروف القاسية التي كان يعيشها، ليعمل جزارا إلى جانب والده، رفقة شقيقه محمد أحد أعضاء مجموعة ال17 المفجرة لثورة الفاتح نوفمبر بمنطقة عين تموشنت، كما عرف عن المرحوم شغفه بكرة القدم حيث انضم إلى فريق كرة القدم بالولاية، ليتمكن من خلال عائلته من تكوين عدة علاقات مع مختلف القادة السياسيين، حيث استقبل مصالي الحاج ومحمد بوضياف، في بيته العائلي بعين تموشنت، كما شارك في الحرب العالمية الثانية، وأسر من قبل القوات الألمانية، ليجند في 1938 ضمن الجيش الفرنسي بمنطقة الألزاس، وفي ماي 1940 حوّل نحو الجبهة الغربية لتحرير هولندا من النازيين، وبعد الغزو الألماني لفرنسا اعتقل من قبل الجيش الألماني، ليقوم بعدها بمحاولتي فرار الأولى بمدينة لوش والثانية بكليرمتن، وقد تم تحويله لاحقا إلى الجزائر، ليجند ضمن الفيلق السادس للقناصة بتلمسان ثم بمغنية، وهنا تعرف على الراحل المجاهد أحمد بن بلة ضمن الفريق الإسلامي لكرة القدم سنة 1942، وخلال نزول الحلفاء في نوفمبر حوّل إلى جبهات القتال بأوروبا إلى نهاية الحرب وأطلق سراحه ليعود إلى أرض الوطن. حيث انخرط في صفوف حزب الشعب الجزائري وأصبح مندوبا للحزب في عين تموشنت، ثم نائبا لرئيس بلدية عين تموشنت في 1947. وذكر الأستاذ المحاضر بلحاج محمد أن بوشعيب كلف في أكتوبر 1948 رفقة آيت أحمد بمهمة التدريب والاستطلاع على مستوى مناطق تيارت والشلف وتيسمسيلت، كما شارك في عملية هجوم بريد وهران في 5 أبريل 1949، وفي 1950 دخل العمل السري وأصبح مطاردا من قبل البوليس الفرنسي، لينضم إلى مجموعة ال22، حيث عين مسؤولا في الولاية الرابعة رفقة رابح بيطاط وسويداني بوجمعة، إلى أن ألقي عليه القبض في سبتمبر 1955 إلى غاية الاستقلال. ليواصل بعدها نضاله في حزب جبهة التحرير الوطني واعتبر شخصية وطنية بارزة تستشار في قضايا الوطن، وفي 22 جانفي 2012، انتقل إلى الرفيق الأعلى بعد مرض عضال ألزمه الفراش بالبيت العائلي بوهران وووري جثمانه الثرى بمسقط رأسه بولاية عين تموشنت من جهتها أكدت السيدة خديجة بهلول مديرة المجاهدين لولاية عين تموشنت، أن «سي أحمد» شخصية غنية عن التعريف، حيث كان مجاهدا فذا ومقاتلا مغوارا ضدّ الاستعمار الفرنسي لبلادنا، وبعد الاستقلال واصل جهاده الأكبر وكان في كل مرة يقدم نصائحه وآراءه بخصوص أمهات القضايا التي تخص البلاد، وقد عرف عنه تواضعه وإخلاصه وإنسانيته المفعمة بحب الوطن وتربية الأجيال. من جانبه تحدث الأستاذ الباحث كريم روينة عن مسار الراحل، مبرزا أهمية المحافظة على هذا الإرث التاريخي الكبير الذي تركه لنا أسلافنا المجاهدين، داعيا الحضور إلى ضرورة الاقتداء بهم وعدم تضييع أمانتهم التي تركوها لنا كي نحافظ عليها جيلا بعد جيل. وعلى صعيد متصل أثنى المفتش العام لولاية وهران السيد سكينة الجيلالي، الذي حضر المنتدى ممثلا لوالي ولاية وهران، على مثل هذه المنتديات والملتقيات الفكرية، مبرزا إلزامية نفض الغبار عن هذه الشخصيات الوطنية، التي بفضلها اليوم ننعم في الحرية والاستقلال. هذا وقد أدلى العديد من الضيوف من عائلة المرحوم ورفقاء دربه، بشهادات قيمة عن المجاهد بوشعيب، مبرزين مناقبه وخصاله وتاريخه النضالي والثوري المشرق.