كانت الثورة المصرية التي قام بها الضباط الأحرار تحررا للثقافة المصرية في مختلف مجالاتها، بحيث تحرر الكتاب من تبعية الملكية ،كما تحرر الشعب منها،وظهرت أسماء جديدة في الشعر والقصة والرواية و المسرح، وأحدثت انقلابا كاملا في المفاهيم الثقافية وبشكل خاص في المسرح الذي ظهرت فيه أسماء جديدة أخذت علي عاتقها تطويره والابتعاد به عن الخطابة والترهل اللغوي وذهبت بعيدا . أسماء كانت متشبعة بما حصلته من ثقافة فنية ومن مشاهدة للعروض المسرحية ، دراستها ومعرفة مختلف مدارسها الفنية،أسماء عديدة أعلنت القطيعة مع ما كان قبلها من مفاهيم مسرحية ، وراحت تنحت مسرحها مما وصلها منه من العالم مع حركة الترجمة التي عرفت مد كبيرا.، أسماء عرفتها فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي ، أغلبها رحل عن عالمنا الآن نذكر منها علي الخصوص الدكتور * يوسف إدريس* الذي سعى إلى البحث عن شكل مسرحي عربي، أسهب في التعريف به خاصة في مقدمة مسرحيته * الفرافير*، ..والدكتور* نعمان عاشور* الذي سعى لجعل نصوص ترتبط بهموم الشعب المصري وطبقاته الشعبية ،ويتضح ذلك في نصوص عديدة له مثل * الناس اللي تحت والناس اللي فوق*، و *سينما اونطة والمغناطيس* وغيرها. وغيرهما كنجيب سرور ومحمود دياب وشوقي عبد الحكيم وكثيرون. وربما أهم هذه الأسماء والتي جاء أغلبها إلى المسرح عن طريق كتابة القصة القصيرة والعمل في الصحافة.قلت ربما أهمها* سعد الدين وهبة * الذي كتب العديد من النصوص منها ما قدم على ركح المسرح ومنها ما منعته الرقابة ، ومنها ما سبب له مشاكل مع السلطة الحاكمة خاصة في عهد السادات. وبعد اتفاقية *كامب دفيد*، وكذا زيارة السادات لإسرائيل وهي الزيارة التي عارضها وهبة بشدة ،و رأى فيها إذلالا لمصر ، وقد عكس ذلك في مسرحيته الرائعة * المحروسة* سنة 2015 ، وهذه المسرحية بالذات كان وهبة قد أصدرها سنة 1962، و أعاد كتابتها برؤية مختلفة بعد اتفاقية السلام مع إسرائيل وان كان حافظ علي مكان الحدث في النص الأول ، وهو * قرية المحروسة* التي يتخذ منها نموذجا للسيطرة الإسرائلية علي خيرات مصر وثرواتها الزراعية والمائية وحتى البشرية..وقد سبق له أن تناول ذلك في مسرحية أخرى هي * سكة السلامة * الصادرة سنة 1962، والتي أعاد إخراجها محمد صبحي برؤية جديدة . ويذكر أن هذه المسرحية قد تم عرضها في الجزائر سنة1975، بإخراج من الراحل * سعد اردش* لفائدة المسرح الوطني الجزائري ، وكان أردش سنتها أستاذا بمدرسة برج الكيفان. لسعد الدين وهبة الكثير من النصوص المسرحية الجميلة، منها * سكة السلامة الأولى والثانية *، والمحروسة الأولى والثانية التي منعتها الرقابة.* السبنسة* سنة 1966 ،* كفر البطيخ * سنة1996 ،* كبري الناموس* سنة1966، و* الحيطة بتتكلم *سنة 1974 ، و* المسامير * سنة1968 ، و أيضا * إسطبل عنتر * وهي من النصوص التي منعتها الرقابة كذلك *سبع سواقي* التي تتحدث عن شهداء الحرب ضد إسرائيل و* إشكالية مكان الدفن *، وهي كذلك من نصوصه التي منع عرضها، وكذا * أحذية طه حسين * سنة 1994 ، و* الذئب والمدينة* سنة1994 . وإلى جانب هذه النصوص المسرحي لسعد الدين وهبة عدة مجموعات قصصية وكتابات أخرى أغلبها يبدي فيها معارضته لاتفاقية السلام مع إسرائيل، والتي رأى فيها الخطر الأكبر على مصر وشعبها، وهو ما كلفه الملاحقة والمنع ،إن مسرح سعد الدين وهبة نموذج للمسرح المصري الحر المناهض للاستغلال الواقف في وجه الظلم المعادي لنهب ثروات وخيرات الوطن ورهنها في يد العدو ، مسرح ملتزم بقضايا الشعب ونضاله ودفاعه عن حقه وأرضه وشرفه.