في الغرفة المعلّقة سرير شاسع خاو ووسادتان من جليد وحدي هنا إلاّ من حقيبة هرمة قهوة بلا رائحة وكتاب ألقي به إليّ أحد الصّعاليك من النّافذة يطلّ شارع ضيّق وصراخ العقلاء الحانة ملاذ للعشّاق للمجانين والشّعراء يصّاعد إلى الشبّاك دخان الارتياب وهتافات تخترقني كالصّاعقة وحدي هنا أقطف بتلات الغربة امضغ رغبتي على مهل وأشاكس الغواية بلا طعم ارتشف قهوتي مُرّة كانت لولا انسياب قهقهات المومسات فتستيقظ حواسي النّائمة لا حرج للخطيئة في الحانة التي تحتضن غرفتي الموحشة يرتفع الهرج وسبّ الجلالة لا وجه لي هنا المرآة شظايا والصّدر النّافر خيول لشهوة مكتومة اهدي الوقت للسّراب ولليل يخبّىء فتنته تحت اللّحاف وأحتضن وحدتي لا جسد لي ينصب الفخاخ تحت الوسادة ويحتفي بهزيمتي لا مطر يبلّل شعري ويزفّني ما عدت أشتهي اللّيل كلّما قبضت عليه انتفض الحمام وركضت الضّلال تحت ثوب عزلتي لا صوت لي غنج العذارى يخترق الجدران الباردة فألامس ذاكرتي والغياب من ثقوب الخيال أرى أسراب الغرام سابحة وأرى وجه الغيب يقتنص النّجم يلتحف المدى وأنا هنا في الرّكن المنسيّ تشدّني ساق الجفاف إلى الهاوية سأصلّي ركعتين ألملم الثّلج النّائم بين أصابعي وأنفخ في صورة الملائكة علّ الربّ يغفر للسُّلالة لروّاد الكؤوس ولي... في هذه الغرفة المعلّقة بنزل»قفصة» أحتاج فقط إلى بعض الجمرات وإلى غانية تحوّل الجليد إلى محرقة...