تمدد عمر الأزمة السياسية التي تعيش على وقعها بلادنا منذ أربعة شهور كاملة، حيث لا تزال حالة الإنسداد قائمة والمستقبل يلفه الغموض، في ظل عدم التوصل إلى حل وسط ومعتدل، يلبي مطالب الحراك الشعبي المتواصل من جهة، الذي لا يزال متمسكا بها منذ انطلاق هذه الثورة السلمية في 22 فبراير الماضي، وينادي بصوت عال وواحد عبر كامل التراب الوطني، في كل مسيراته الأسبوعية الحاشدة يوم الجمعة، بضرورة رحيل كل رموز النظام السابق والحرص على إحداث القطيعة معه ... ويرضي السلطة من جهة أخرى، التي تصر على رفض فكرة المرور إلى مرحلة انتقالية رفضا قاطعا، ولا تقبل أي حل من الحلول خارج إطار الدستور، وبين هذا وذاك، بقيت الأزمة تراوح مكانها وتتعقد مع مرور الوقت. فرغم اتفاق واقتناع الحراك والسلطة على حد سواء، بضرورة الجلوس إلى طاولة الحوار، من أجل دراسة كل المطالب المرفوعة والاقتراحات المطروحة، والاجتهاد في بحث عن الحلول الممكنة والسبل الكفيلة بإخراج البلاد من الأزمة السياسية، التي تتخبط فيها ذات اليمين وذات الشمال، دون أدنى ضرر وبأقل تكلفة ممكنة، وهو ما نستشفه لدى نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، الذي يصر ويؤكد في كل مناسبة، على أن الحوار الجاد والواقعي والبناء، الذي يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، الذي دعا إليه كل النخب والشخصيات الوطنية الغيورة على الجزائر، وطالبها بتبنيه واعتماده والالتفاف حوله، هو السبيل الأمثل والوحيد للخروج من الأزمة السياسية إلى بر الأمان ...تبقى شروط إقامة هذا الحوار غير متوفرة لحد الساعة، باعتبار أن الحراك يرفض أي حوار تشرف عليه الأسماء المنبوذة من قبل عامة الشعب، والأصح بقايا رموز النظام الفاسد، التي يلح على رحيلها، كونها لا تزال موجودة ومفروضة وتحتل الواجه السياسية، وتقف حجر عثرة أمام كل المنافذ والحلول. لا يمكن بأي حال من الأحوال، إقامة حوار تقف وراءه أسماء منبوذة وفاقدة للثقة وللشرعية، يعرفها العام والخاص، فالوضع الحالي يقتضي البحث عن آليات أخرى من أجل إقامة هذا الحوار والسهر على إنجاحه، باعتباره الخيار الوحيد للخروج من المتاهة التي نعيش فيها اليوم، بل وعلى ضوئه، ستتضح الرؤية وستتغير الخارطة السياسية بالتأكيد، في حال التوصل إلى حلول ناجعة ترضي جميع الأطراف، التي ستحدد ملامح وموعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، بكل حرية وشفافية ونزاهة وقناعة، الذي ستفتح معه الجزائر عهدا جديدا، يتمناه كل أبناء هذا الشعب، أن يكون مشرقا وزاهرا، يؤسس لدولة الحق والقانون والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الحقة، الخالية من الظلم والقهر والأحقاد والعصابات والفساد، بكل أشكاله وألوانه وأنواعه، تسهر على بنائها كفاءات جديدة ونظيفة من أبناء هذا الوطن وما أكثرهم.