يرى أستاذ علم الاجتماع عزيز بن طرمول أن ظاهرة الحراك ببلادنا تثير اهتماما و فضول المتابعين والمختصين بالنظر إلى قوتها و إصرارها السلمي من أجل وضع حد للواقع المتأزم و إحداث التغيير المتطلع اليه.. والمؤكد وبالملموس هو تحقيق الحراك المتواصل لنتائج باهرة ونوعية وذات قيمة سوسيوسياسية تفرض التوقف عندها وتحليلها وتفكيك شفراتها.. ويعلم الجميع أن مشروع العهدة الخامسة للرئيس المخلوع هي من أفاضت الكأس وصنعت الغضب العارم لكل الاطياف والفئات الاجتماعية والمهنية والمجتمعية. ظاهرة الحراك يقول الأستاذ بن طرمول أبانت عن عدة إيجابيات ومحاسن و سلوكات جد راقية اعتبرها المختصون مواطنية بكل المعاني والدلالات.. والنقطة المميزة التي كشفها الحراك هي حجم وثقل ملفات الفساد الذي تكلفت به مصالح التحقيق و نيابات القضاء مركزيا ومحليا ووضع أسماء،كبرى داخل السجن بالحراش الذي لم يشهد منذ الاستقلال هذا التفاعل الذي يدلل أن بلادنا وقضاءها دشن لمرحلة نوعية جديدة ، في انتظار مواصلة دراسة العديد من ملفات الفساد لكل القطاعات. و الأكيد أن الحراك المتواصل خاصة كل يوم جمعة له رمزيته ودلالاته ضمن إطار المطالب والتأكيدات بضرورة الانهاء مع النظام السابق عبر أسمائه ونفوذه الواسع والتفكير في تأسيس نظام وسلطة جديدة شفافة وذات كفاءة وقادرة على تلبية مطالب الشارع الجزائري... والسؤال من اأين للحراك هده المنهجية والأخلاقية والتنظيم عبر كل المسيرات التي عرفتها كل ولايات الوطن! ؟ الدارسون والعارفون لسوسيولوجية الحراك يقولون أن كل شرائح المجتمع صنعت تلقائيا وعيا وقدرة في التنظيم ووسط سلمية تحدت كل الحدود والصعوبات ،بل رافقتها دروس في التعبير عن وجود مطلبي فرض ضغوطاته على النظام القائم الذي بدوره فقد السيطرة ورضخ للمطالب الاساسية للحراك... فعلا إنها واقعية جديدة تتصدرها مطالب سياسية واجتماعية و في نفس الوقت التأكيد على النموذج المتطلع اليه من خلال اختيار الرجال المناسبين للمرحلة الجديدة. كلنا لاحظ أن شكل ومضمون التعبير والاحتجاج ليست كسابقتها التي تميزت بالعنف والقوة والتدمير وتعطيل مصالح الدولة والمجتمع ، وتحدي كل درجات المسؤوليات مركزيا واقليميا... إذن مادام حصل لنجد أنفسنا أمام نوعين من الاحتجاجات ،الناعمة و أخرى صادمة و عنفية ! ؟ نستطيع أن نعطي تفسيرات من منظور دلالات للحراك الوطني الذي قادته شبكات التواصل الاجتماعي لأنه ضد نظام فاسد من أعلى السلطة وباتفاق كل الجغرافيا الوطنية ، و أخرى احتجاجات موزعة على العديد من المناطق عبر كل الوطن وعموما هي غضب ضد تأخير برامج التنمية بمختلف مكوناتها من سكن وطرقات وخدمات عديدة... لكن الملاحظ أن الحراك التقى في نفس الوقت مع مطالب الاحتجاجات اليومية التي كشفت للرأي العام أن الفساد في التدبير وتسيير شؤون المواطنين هي نتيجة منطقية لفشل النظام عبر مصالحه ومسؤوليه من سلطات محلية ومجالس منتخبة ومصالح الرقابة ومتابعة المشاريع وضبط الميزانيات والنفقات... وفي نفس الاتجاه لفهم سلوكات وتصرفات المواطن الجزائري ما بين حراك الجمعات المتعاقبة و الأيام الأسبوعية العادية فإننا نلتمس العديد من التفاصيل المشتركة في الرغبة والاصرار على تدشين عهد جديد مغاير قادر على حل الكثير من مشاكل التنمية وطنيا و إقليميا. إن فينومولوجية الحراك الجزائري أبهرت المتتبعين ودفعت بهم إلى تعميق الفهم لإدراك الأسباب و الوصول إلى النتائج التي تحققت لحد الساعة وهي بقيمة نوعية و برواسب لا يمكن لأحد أن ينقص من قيمتها السياسية والمادية.