لقد حشرنا أنفسنا في مكان ضيق ودخلنا في متاهة السياسة وكل واحد يريد السير بنا حسب رغباته الخاصة ومصالحه رغم ادعاء خدمة الوطن والشعب فلو احترمنا الإجراءات القانونية والدستورية لكنا اليوم برئيس جمهورية منتخب وحكومة شرعية لان فترة 90يوماالمخولة دستوريا كانت كافية لتنظيم انتخابات رئاسية لكن هاجس التزوير أدى بنا إلى التعطيل والتأجيل وإطالة أمد الأزمة السياسية ولاشك أن الطبقة السياسية تتحمل قسطا كبيرا من المسؤولية بسبب مواقفها السلبية وتشتتها واختلاف توجهاتها فرغم مرور ستة أشهر على بداية الحراك فإنها مازالت تنتظر الحل من السلطة وفي نفس الوقت ترفض التعامل معها ولهذا يجب النظر بحذر إلى لجنة الحوار الوطني التي استقبلها رئيسة الدولة والمكونة من كريم يونس وفتيحة بن عبو واسماعيل لالماس وبوزيدي لزهاري وعز الدين بن عيسى وعبد الوهاب بن جلول وهم شخصيات وطنية سياسية وقانونية ونقابية ليقوموا بالإشراف على الحوار الوطني الشامل الذي يمثل الحل الأمثل للازمة السياسية الراهنة حيث سيسعون إلى جمع شمل الجزائريين لمناقشة القضايا العالقة ووضع تصور مشترك لها والوصول إلى حل توافقي بين كل الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية من أحزاب سياسية ومنظمات وجمعيات المجتمع المدني وممثلي الحراك الوطني الذي قالت أنها ترفع مطالبه إلى السلطة ولكنها لا تمثله وأنها حرة مستقلة وهذه إحدى المفارقات الخاصة بهذه اللجنة التي قد تؤثر سلبا على عملها ويبدو أنها تريد أن تكون محايدة ومستقلة عن السلطة والأحزاب السياسية والحراك الوطني لان مهمتها الإشراف على الحوار وإدارته للخروج بنتائج مرضية ولهذا علينا أن ننتظر الإعلان عن قائمة المشاركين في الحوار ومطالب وشروط كل واحد منهم وفي مقدمتهم الحراك الوطني الذي يريد استكمال رحيل كل الباءات بما في ذلك رئيس الدولة ورئيس الحكومة قبل إجراء الانتخابات الرئاسية فهل يتنازل عن هذه المطالب ويركن الى الحل السياسي في إطار الدستور وذلك بإنشاء اللجنة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات الرئاسية واللجان التابعة لها في الولايات والدوائر وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية والضمانات المقدمة لتكون نزيهة وشفافة وهو عمل ممكن إذا توفرت الإرادة والإخلاص وصدقت النوايا وسادت الثقة من أجل تجاوز عقدة الانتخابات التي كان في مقدورنا التغلب عليها بسهولة. فالمشكلة ليست في الانتخابات وحدها وإنما في المرشحين الذين سينتخب عليهم الشعب لقيادة الدولة والقيام بالإصلاحات الضرورية وإدخال العناصر البشرية والمادية التي يمكنها أن تساعد على التطور والتنمية فهل تستطيع النخب الجزائرية أن تختار لنا الرئيس المنتظر الذي يكون في مستوى طموحاتنا وتضحياتنا؟