أستعير هذا العنوان من المخرج السينمائي العربي الكبير الراحل يوسف شاهين ، لأدلل به علي عودة المخرج المسرحي عمار محسن إلى حضن المسرح الذي هجره إلى حضن التلفزيون عاد عمار محسن إلي بيته الأول المسرح و إلى مسرح قسنطينة الجهوي الذي له فيه مسار حافل بالإنتاجات ، التي كانت من العلامات البارزة في مسار الحركة المسرحية في الجزائر ، ويذكر الكثيرون تلك الأعمال التي تعد علامات فارقة في الحركة المسرحية في القرن الماضي. يعود محسن بعمل قديم له سبق أن قدمه مع مسرح قسنطينة في تسعينيات القرن الماضي ، و هو " عرس الذيب" الذي يعد عملا مُحوّرا عن نص للكاتب الألماني " كارل ويتلنجر" عنوانه " الصحون الطائرة"، نفس هذا العمل سبق أن قام بتحويره عبد الحميد قوري لصالح مسرح عنابة الجهوي سنة1989 ،وأخرجه المخرج العراقي أسعد علوان سنة بعده أي في1990 ، ويقوم محسن بتحوير النص نفسه لمسرح قسنطينة ، وفي سنة 1994 يشارك به مسرح قسنطينة في مهرجان قرطاج الدولي بتونس، ويحدث به واحدة من جوائز المهرجان . الآن يعود محسن إلى نفس العمل ليعلن من خلاله أنه عاد إلى بيته الأول ، لكن ما الذي أضافه محسن إلى عمله القديم هذا ، في ظل المتغيرات التي تشهدها البلاد. أولا دعنا نورد بعض المتشابهات في هذا النص الألماني مع نصوص مسرحية أخرى، وأولها تشابه نص " ويتلنجر" الألماني " الصحون الطائرة " مع نص الكاتب الألماني السويسري " بيتر فليس مارا صاد "، فكلا النصين تدور أحداثهما داخل مستشفى للأمراض العقلية، وفي كلا النصين يعمل أحد المرضى على كتابة نص مسرحي عن حياته هو، ويعمل على عرضه داخل المستشفى مع المرضى . ثانيا في تحوير النص من طرف محسن عمار نجد تشابها كبيرا بينه وبين أولا رواية الراحل رشيد ميمون " النهر المحول "، والتي اقتبسها عمر فطموش لفائدة مسرح بجاية الجهوي ، وتولت إخراجها حميدة آيت الحاج سنة 2007 ،وشارك بها مسرح بجاية في المهرجان الوطني المسرح المحترف وحصد بها جائزة أحسن عرض متكامل. ومن جهة أخرى الحكاية التي محور إليها محسن نص الأمني ويتلنجر تتشابه كذلك مع قصة الكاتب الراحل الطاهر وطار " الشهداء يعودون هذا الأسبوع" ، التي اقتبسها المسرحي الراحل محمد بن قطاف لفائدة المسرح الوطني سنة1987، ّإنها قصة الشهيد الذي لم يكن في هذه الأعمال الثلاثة . الشهداء يعودون هذا الأسبوع النهر المحول " وعرس الذئب " وفيه كلها يعود الشهيد إلي قريته ليجد أنه مقيد في سجل الشهداء، و أن أقاربه قد استفادوا من استشهاده واستولوا على امتلاكه، وأنه لم يعد له وجود ، وعليه أن يتقبل وضعه الجديد الميت الحي الذي لا يملك إثبات انه حي. ولكن الاختلاف هو أن محسن يدخل سجن الأمراض العقلية بعد سلسلة من الأحداث توصله إلى ذلك .عودته إلى القرية هو سليم بوقرة الشهيد الذي أخذ منه ابن عمه كل شيء ثم عندما يريد العيش بهوية النوري البارودي الذي كان معه في نفس الكتيبة واستعد بالفعل ولكنه ، غير مسجل في قائمة الشهداء ، وحين يذهب سليم للبحث عن عائلة البارودي ليقول، إنه يجد من سبقه إلى ذلك، وهو أحد الخونة في الثورة، ولكن ليس لسليم ما يثبت، ولأن من تستولي على اسم البارودي أصبح من الرجال الأقوياء، فليس علي سليم سوي التشرد ليلتقطه أحدهم ويدفع به إلى العمل في معمل الهاني الذي معناه مثل السجن تماما ، وعندما يحاول سليم الذي أصبح اسمه الرعد حين يحاول فضح الهاني للسلطات يتم ضربه وطرده من العمل واتهامه بالجنون ليدخل إلى مصحة المجانين، تاركا خلفه زوجته الحامل لولده. ونعود إلي البداية والنهاية في ذات الوقت سليم يهرب من المصحة وانتهاء عرض مسرحياته التي كتبها فيروس لنا فيها قصته مثلما فعل الماركيز ذي صاد في نص بيتر فايس استعان محسن في عرضه المسرحي كما في المرة الأولي بالقطاع السينمائية وهي تقنية جديدة استخدمها عمار محسن في تسعينيات القرن الماضي وكان سابقا فيها يومها في الجزائر، أما اليوم فأغلب المسارح تستعين بها والتقنيات الأخرى أكثر حداثة ، حاول عمار محسن تحيين النص باستخدام مصطلحات مما تعرفه البلاد حاليا ، مثل الحراك والخامسة والإصابة ، وباستثناء ذلك يبقى النص كما كان عليه في التسعينيات من القرن الماضي .ولكننا نقول إنه كان بإمكان محسن أن يحين نصه لو فقط عمل على تصويره من جديد أما استخدام هذه المصطلحات الحراكية والاكتفاء بها فإنها لا تشفع له ولم يكن في حاجة إليها . وعلى مستوى الأداء جسد العمل في نسخته الجديدة فريق من الممثلين غير الذين قدموه من قبل، ويمكننا القول أن الثلاثي بودشيش وخلال وحمزة ، كانوا نجوم العرض دون منازع.، أخيرا نذكر كذلك بأن محسن قد احتفظ بنفس السينوغراف وهو عيسي رداف، ويبقي أنه لا مناص لنا من توجيه تحية لكل الفريق في هذا العمل وإلى المخرج عمار محسن الابن الضال العائد في انتظار أن نشاهد له أعمال أخرى جديدة.