يمر الاقتصاد الجزائري في هذه الفترة بأزمة مستعصية و صعبة نظرا لتأثر دواليب الاقتصاد بالوضع السياسي الراهن غير المستقر ،و يبقى من بين الحلول المقترحة اللجوء إلى الاستدانة لتغطية الاحتياجات الضرورية مع كل ما يسببه هذا الحل من خطر على اقتصاد وسيادة الجزائر ، لكن من المخارج الأخرى المتوفرة إمكانية إنعاش قطاعات اقتصادية و إنتاجية أخرى لا تزال مهملة وبعيدة عن دائرة الاهتمام و جهود ومخططات التنمية والتطوير في زمن اعتماد الجزائر بشكل شبه كلي على صادرات البترول و تأثرها و تبعيتها الدائمة لتقلبات سوق النفط العالمية ، ومن هذه القطاعات نذكر الفلاحة التي لا تزال في حاجة ماسة إلى قوة دعم واهتمام كبيرين بتوفير البذور و الأسمدة و المياه و الكهرباء و كذا وسائل تخزين وحفظ المحاصيل ،و هي كلها احتياجات ضرورية لتطوير وتنمية الفلاحة و إرساء أسس صناعات غذائية متطورة ، وتحسين نوعية المنتجات الجزائرية و فتح باب تصديرها إلى الخارج من أجل تنويع الصادرات و هو أمر ليس بالمستحيل تحقيقه والوصول إليه إذا ما توفرت الإرادة السياسية الحقيقية ،و الإستراتيجية الفعالة والناجعة و كذا المتابعة لمختلف مراحل هذه العملية من خلال منح تسهيلات للفلاحين تتيح لهم تحسين نوعية محاصيلهم على غرار ما يحدث في البلدان المجاورة التي يحظى فيها الفلاح بالدعم و تصل منتجاتها الزراعية إلى بلدان أوروبا لتنافس المنتجات العالمية الأخرى . لا يختلف اثنان على أهمية إعادة الاعتبار إلى قطاع الفلاحة و تربية المواشي للنهوض بالصناعات الغذائية ، وكذا تطوير وتنمية الإنتاج الزراعي باستخدام أحدث التكنولوجيات، والدعم المالي للفلاحين لتحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي ثم المرور إلى مرحلة التصدير، و الحيلولة دون دخول بلادنا في دوامة الاستدانة لاستيراد الغذاء للجزائريين ، مع العلم أن بلادنا هي في الأساس بلد فلاحي بامتياز لكن إهمالنا للمساحات الزراعية الشاسعة وتحويلها إلى مناطق صناعية و بناء خلال عقود كثيرة ماضية من الزمن قد جعل الفلاحة في خبر كان أو تكاد و في حال يرثى لها ،ولهذا فالمطلوب اليوم هو إنعاش هذا القطاع المنتج للثروة و الجالب للعملة الصعبة .