ميموني قويدر قبل أن يكون كاتباً فهو قارئٌ مرهف الحس للكلمات، باحثٌ في جوانبها وفي احتمالاتها المتفلّتة من الأبيض الكلّيّ عن بقية الألوان ،ميموني قويدر شاب أصله من ضواحي وهران، ترعرع في أحيائها الشعبية، وحمل نكهة أيامها وذكرياتها الجميلة معه ليترجمها إلى كلمات يحكي بها الماضي الجميل..أول إصدار له كانت رواية «رسائل إلى تافيت» التي يشارك بها في المعرض الدولي للكتاب بالجزائر العاصمة، ومن أجل التعرف عليه أكثر وعلى مؤلفه الجديد، اقتربنا منه و أجرينا الحوار التالي : @ باعتبارك مهندساً، كيف حدث أن ولجت عالم الكتابة ؟ ^ الأدب هو الهواء الذي أتنفسه، والمأوى الذي آوي إليه، ..أنا لم أنفصل أبداً عن عالم الأدب، فالكتابة هي حياتي، حيث أنني نشأت منذ الطفولة على أولى المحاولات في مجال الخاطرة، ورغم أن دراستي كانت في مجال الجيولوجيا، وعملي كان في مجال الهندسة المدنية، إلا أن الأدب هو روحي الأولى والأخيرة ولا أجدني إلا فيها.. @ حدثنا عن فكرة روايتك الأولى "رسائل إلى تافيت" ؟ ^ فكرة الرواية أول ما جاءت حملت معها معنى الحب الذي لا يمكن أن يجتمع معه الحبيبان بعرف مخلّفات الماضي، بحكم أنها تحكي قصة حبيبين كان أسلافهما قبل قرن من الزمان من ألدّ الأعداد، أحدهما عميل للجيش الفرنسي والثاني كان مجاهداً ضد المحتل، وشاءت الأقدار أن يلتقيا صدفةً ليكتشفا بعد قصة حب مُعقدة ما خبأه لهما التاريخ... فرواية "رسائل إلى تافيت" ليست مجرد رواية رومانسية، بل فيها من رمزية الأسماء والتواريخ، وتناسخ الأحداث ما سيجعل القارئ أمام لوحة تحمل في عمقها الكثير من السجالات الفكرية والفلسفية مع نفَسٍ حارٍّ من الأحاسيس العميقة والمتضاربة والمعقدة، وللرواية من مقومات الجوهر والمادة ما يؤهلها لأن تتربع على عرش الرواية الجزائرية لهذا الموسم. @ هل لوهران مكانة في روايتك؟ ^ الأرض لها روح هي الأخرى، الأحياء الشعبية والأسواق، والمدارس التي احتضتنها أول مرة، والمقاهي القديمة التي جلسنا بها، ووجوه الباعة المتجولين، وجدران المدينة مثلما كانت قبل 30 سنة كلها لها روح تُتَائِمُ روح الفنان فيشكلها بأشكال جميلة مختلفة، كل على طريقته، وميموني قويدر جاء محمّلاً بذكريات الأحياء الشعبية ، وبالتفاصيل اليومية للحياة فيها بروعتها ومرارتها، لتأخذ وهران كامل المساحة الرمزية للأرض والوطن في الرواية، بينما تأخذ تافيت رمزية المرأة والحب. . @ من هم الأدباء الذين تأثر بهم قودير ميموني؟ ^ المدرسة الكلاسيكية تركت فيّ أثرها العميق بجمالها النفّاذ، وعذوبتها الأخّاذة، وأكثر الأدباء الذين لامست كلماتهم شغاف قلبي هم الرافعي، والمنفلوطي ومحمود محمد شاكر وغيرهم... مع العلم أنني قارئٌ نهمٌ لا أقرأ للكتاب فقط، بل أقرأ في السحاب والمروج وألوان قوس قزح، وفي وجوه المارة كل قصص الحياة لأنحت منها حياةً أخرى.. @ هل ستكون روايتك "رسائل إلى تافيت " حاضرة في المعرض الدولي للكتاب 2019 ؟ ^ نعم، روايتي حاضرة في هذا المعرض الكبير، حيث سألتقي جمهوري في حفل البيع بالإهداء ومعرض الكتاب الدولي بالجزائر هو بوابة للرقيّ بالأدب الجزائري شامخاً، هذا الأدب الذي أثبت في محافل عدة عالميته وقدرته على رفع التحدي بجودة المنتوج الأدبي للجزائر وبغزارته عالياً بين الدول، ومعرض الكتاب سائر بخطىً ثابتة لا تعرف الهون في مهمة الرقي بثقافة المجتمع والنهضة به في كافة التخصصات العلمية والأدبية لما فيه السؤدد. كما أنه مناسبة لالتقاء الأحبة من كل مكان سواءً كانوا أدباء أو ناشرين أو نقاداً أو قراءً أو محبين، في حميمية لا مثيل لها تحمل كل معاني الودّ. @ هل فكرت في كتابة شيء عن الحراك الشعبي ؟ ^ راودتني فكرة الكتابة عن الحراك، وقد بدأت فعلاً في تصنيف مقالات متفرقة ربما أضيف إليها وأنقحها، وأجمعها ذات يوم في كتاب، لكن الرواية "رسائل إلى تافيت" والتي بدأت فيها منذ أكثر من سنة ونصف كانت قد حازت على كل وقتي، فلم يتبق لي الكثير لأواكب به توثيق الحراك سوى هذه المقالات. @ ما هي مشاريعك في مجال الرواية و الكتابة عامة؟ ^ هدفي هو الرقي بالأدب الجزائري عالياً والشموخ به عربياً لترجح الكفة بالعمل الأدبي الجزائري الراقي القادر على المنافسة، وتحدي الكتابات العالمية ليصبح القلم الجزائري بدوره مقروءاً في اليابان وفي أمريكا الجنوبية وفي كل بقاع الأرض وتكون له المكانة العالية الرفيعة. والساحة الجزائرية ولله الحمد مهيأة لهذا، وبها الكثير من الأقلام المشحوذة التي سيكون لها مستقبل زاهر، وعلى الصعيد الخاص فإنني الآن بصدد كتابة روايتي الثانية والتي أعد القراء أنها ستحمل الكثير من المفاجآت.