انطلقت أمس الحملة الانتخابية لرئاسيات 12 ديسمبر المقبل و معها بدأ العد التنازلي لموعد هذا الاستحقاق الهام و المنعرج الخطير والحاسم على مسار الأزمة السياسية و الحراك الشعبي الذي تعيشه بلادنا منذ يوم 22 فبراير، فمنذ أكثر من 39 أسبوعا تشهد الجزائر حركية و تغيرات سياسية هامة على وقع حراك شعبي حول المسيرات والشارع إلى منبر لرفع المطالب والتنديد بكل ما هو فساد سياسي وانحراف عن الحكم الراشد و هكذا فخلال تسعة -9- أشهر لا تزال المسيرات متواصلة حاملة جملة من المطالب التي لا يزال الكثير منها ينتظر التحقيق والتجسيد على أرض الواقع، وبالمقابل يمتلئ المشهد السياسي بتطورات ومستجدات سياسية وقرارات ومحاكمات ومشاريع قوانين طرحت وأثارت جدلا كبيرا لكن سرعان ما تحولت إلى قوانين، وكذا تحضيرات حثيثة ومتسارعة لموعد انتخابي هام يعتبر المخرج الوحيد من نفق الأزمة المتعددة الأشكال المظلم ، وفضاء الانسداد السياسي، لينبثق عن هذه الولادة القيصرية للتحضيرات للانتخابات الرئاسية وخمسة مترشحين لتولي منصب رئيس الجمهورية ، وبين فئة من الجزائريين الراغبين في تنظيم الانتخابات الرئاسية بالشكل و المرشحين الخمسة من جهة وفئة ثانية من الجزائريين الذين يطالبون بالمزيد من الضمانات لشفافية حقيقية للموعد الانتخابي بعيدا عن بقايا النظام السابق تتابع الأحداث و تتوالى المسيرات الرافضة والراغبة في إجراء انتخابات 12 ديسمبر في وقت انطلق فيه قطار هذه الانتخابات بالحملة التي سيلتقي خلالها المترشحون جمهور الناخبين لعرض برامجهم وما سيقدمونه من حلول للمشاكل التي يعيشها الاقتصاد الوطني بعد عقود الفساد واستنزاف المقدرات المالية للخزينة. إنه التحدي الكبير والوضع الغامض الذي يميز هذا الموعد الانتخابي الاستثنائي الذي ينظم على خلفية أزمة وانسداد سياسيين عميقين وكبيرين، حول الشعب فيه الشارع والمسيرات إلى وسيلة تعبير وساحة حوار تحمل تأييده ورفضه للكثير من الإجراءات والأوضاع، ورغم أن قاطرة التحضير للانتخابات قد وصلت إلى محطة هامة هي الحملة الانتخابية واللقاء المباشر بين المترشحين وجموع الشعب والناخبين إلا أن المسيرات متواصلة وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة وكثيرة عن الحل الذي بمقدوره إرجاع الشعب والحراك الشعبي إلى مسار القبول بالانتخابات وتأييدها بدلا من رفضها على الرغم من أن إجراء الانتخابات الرئاسية يعتبر خطوة لرجوع الوضع السياسي في الجزائر إلى فضاء الشرعية. فبلادنا هي منذ 22 فبراير الماضي بدون رئيس جمهورية وكل القطاعات تكاد تكون معطلة في ظل حكومة تصريف أعمال وأجواء من إثارة المخاوف من تبعات وتداعيات أزمة اقتصادية ومالية فضلا عن جبهة اجتماعية مضطربة وغير مستقرة تنتظر على أحر من الجمر الوصول إلى آخر النفق والخروج منه وهو فعلا وضع معقد ومتشابك يصعب تحليله وتخيل و تصور أي حلول ناجعة له وهو وضع مفتوح و مبني على المجهول(...).