الحرب ضد مظاهر الفساد ورموزه والمتورطين فيه ستكون طويلة وشاملة وقد بدأت من قمة هرم الدولة التي تمثل الجزء الظاهر من جبل الثلج وما يحتويه من تراكمات عديدة وكثيرة فقد استفاق العملاق النائم على وقع اصوات الحراك السلمي المدوية في سماء الجزائري فحمل عصاه وراح يضرب يمينا وشمالا فسقط من سقط وهرب من هرب ولكن الملاحقة مستمرة والمنجل لا يتوقف عن حصاد الرؤوس اليانعة وسجن الحراش قد فتح أبوابه لمن عاثوا في أرضنا الطيبة فسادا واستباحوها كما كانت تفعل الجيوش الغازية في الزمن الماضي مع المدن والبلدان التي تحتلها فتقوم بنهب كل غال وثمين فيها فالأمر عندنا تجاوز كل الحدود وصار حربا على الجزائر وشعبها من عصابة جشعة لا تشبع ولا تقنع تبتلع كل ما يقع في طريقها لم يعرف تاريخ الجزائر مثيلا لها ولكن لكل شيء نهاية(...). لقد كان السقوط مدويا وانفضح ما كان مستورا وانكشف الغطاء الأمني والقانوني وزالت الحصانة بعد أن حانت ساعة الحقيقة وجاء وقت الحساب ودفع الثمن وستكون الاقامة في السجن طويلة قد تصل الى عشرين سنة حبسا نافذا بناء على قانون مكافحة الفساد والوقاية منه الصادر في سبتمبر 2006 الذي حوّل جرائم الرشوة والاختلاس واستعمال النفوذ وتبديد الاموال العمومية والاثراء غير الشرعي ومخالفة قانون الصفقات العمومية والتهرب الضريبي من جنايات الى جنح عادية. ولو وضعوا له عنوان (قانون تشجيع الفساد) لكان ذلك مناسبا له ولحسن الحظ انهم ادرجوا مادة تنص على عدم سقوط تلك الجرائم بالتقادم سهوا منهم أو عن طريق أحد الغيورين على الوطن وأمواله(...). خسائر فادحة لقد بينت محاكمة أول دفعة من المتهمين في قضايا الفساد المالي والسياسي والتي تجري وقائعها في محكمة سيدي امحمد بالجزائر العاصمة فداحة الخسائر التي تكبدتها الدولة الجزائرية والخزينة العمومية والتي يعتبرها بعض الخبراء والمطلعين أنها قليلة ومجرد مصروف جيب لما سيأتي مستقبلا من قضايا تمس المال العام والاقتصاد الوطني فقد استولوا على آلاف الملايير دون تعب أو عناء وعلى حساب ميزانية الدولة وجيوب المواطنين من قروض ورشاوي واعفاءات ضريبية وصفقات عمومية وتضخيم للفواتير ورفع للأسعار بشكل فاحش واستيلاء على المؤسسات العمومية والعقارات. فكل خيرات الوطن صارت بين أيديهم لكنهم سيفقدون كل شيء حتى حرياتهم ليكونوا عبرة لغيرهم فلا تسامح ولا إفلات من العقاب لأن حجم الاضرار كان كبيرا وستكون العقوبات متماثلة معه لتحقيق العدالة التي يطالب بها الشعب وتخليص بلادنا من هذه الآفات والتجاوزات وبناء دولة المؤسسات التي يحكمها القانون والقضاء المستقل والرئيس المنتخب والبرلمان والإعلام الحر وتسيرها الاطارات النزيهة والمتمكنة والشابة وستكون البداية الحقيقية يوم 12 ديسمبر باختيار رئيس جديد للجمهورية ببرنامج جديد وارادة حرة ليواصل الاصلاح والتغيير وملاحقة الفساد على كل المستويات دون هوادة وستقول العدالة كلمتها.