على قوة رمزيتها و شساعة حقلها الدلالي إلا أن عبارات من قبيل أن "الصحة مريضة "أو هي "طريحة الفراش" أو "من يعالج الصحة ؟ "، لم تعد تفي بالغرض الوصفي بل لا بد من تسمية الأشياء بمسمياتها حتى نعطي الموصوف حقه، الصحة ليست مريضة بل ميتة، هي ليست في الإنعاش بل في المقبرة تنتظر من يدفن جثتها التي فاحت رائحتها بعدما تعفنت وتحللت، هذه هي الحقيقة المرة التي تصرخ ألما وقهرا جهارا نهارا في مستشفياتنا ومستوصفاتنا ومراكزنا الطبية ليس في الجزائر العميقة فحسب بل حتى في المدن الساحلية الكبرى ويكفي أن نعرف أن عاصمة الغرب الباهية المقبلة على حدث رياضي متوسطي بعد بضعة أشهر تتوفر في الوقت الحالي على سيارة إسعاف طبية وحيدة يتيمة. بعيدا عن الشعارات والكلام المنمق الذي لم يعالج فأرا نحن بحاجة اليوم إلى عملية قيصرية لإنجاب منظومة صحية جديدة تعتمد بالأساس على الأنسنة وعلى التخصص وعلى توفير كامل وشامل لكل المعدات والأجهزة والأدوية الطبية، و لم يعد بالإمكان ضخ بعض الإصلاحات في المنظومة الحالية لأن لا أمل في جثة هامدة، ومحاولة بعث الحياة فيها هو هدر للوقت والطاقات والمال العام والأجدى تشريحها لاكتشاف نقاط الفشل ومسبباتها كما لا يجب في إطار برنامج الإصلاح الطبي الجديد الاعتماد على الحلول المجترة التي أثبتت فشلها وعدم نجاعتها، كما لا يجوز التدثر بعنوان مجانية العلاج الذي هو في الأصل حق سياسي ومكسب اجتماعي أبدي وأزلي بالنسبة للشعب لإخفاء مكمن الداء ومكان تواجد الخلايا السرطانية في جسد الصحة، زد على ذلك أن مصطلح " مجانية العلاج " هو في حد ذاته بحاجة إلى مراجعة وإعادة تعريف ما دام المريض المغلوب على أمره يفرض عليه إجراء أبسط التحاليل وجميع الأشعة في العيادات الخاصة بأثمان باهظة ترقى إلى مرتبة السرقة المقننة .