يعوّل المواطن الجزائري كثيرا على الخدمات التي تقدمها الصحة الجوارية ونعني بذلك المستوصفات وقاعات العلاج القريبة من إقامة السكان عبر الأحياء كونها الجهات الوحيدة التي ينظر إليها المواطن البسيط من ناحيتي التكفل به وكذلك مجانية الفحص. وتقدم هذه الهياكل الصحية كل ما يلزم من إسعافات أولية وكذلك تلقيح الأطفال في أيام محددة، بالاضافة الى إستقبال كل المرضى الذين يقصدون هذا المكان إلا أن متابعة السير الحسن للعمل في هذه المراكز الاستشفائية لايرقى الى المأمول، نظرا لإنعدام حد أدنى من الإهتمام والعناية بهذه الخدمات. الصحة الجوارية لا توليها الجهات المسؤولة المزيد من المراقبة نظرا لوجود سلوكات منافية لأبجديات الجدية والمواظبة على الحضور، هناك غياب شبه يومي للأطباء وعدم وجود المداومة الى غاية إنتهاء ساعات العمل، فالمستوصف يغلق أبوابه بدءا من الساعة الواحدة ولا يستقبل أي مريض في المساء، إلا للحالات المستعجلة، لأن كل الطاقم الطبي والمستخدمين يغادرونه، هكذا دون سابق إنذار.. أما عن المعاملات فحدث ولاحرج. الكثير من المواطنين الذين يقصدون هذه الهياكل يوميا يصطدمون بتصرفات غريبة الأطوار من الأعوان الذين »يقمعون« كل من يطلب موعد أوفحص ليدخلونه في متاهات بيروقراطية بحتة. وهذه الذهنية هي التي أدت الى نفور الناس من المستوصفات والذهاب الى المستشفيات حتى وإن كان ذلك ليلا، ناهيك عن الإعتداءات الجسدية التي يتعرض لها السلك الطبي من طرف المنحرفين الذين يدخلون في مناوشات وملاسنات مع الأطباء بخصوص منحهم “الأقراص المهلوسة” الخاصة بأمراض معينة أوأخذ حقن، وغيره من المشاهد اليومية التي ينعدم فيها الأمن كلية. هذا هو الواقع الذي تعيشه الصحة الجوارية في بلادنا اليوم وهذا أمام إنعدام أي مراقبة متواصلة لهذه المستوصفات، مما جعلها عرضة لكل الممارسات غير اللائقة التي يتصرف فيها كل واحد، حسب مزاجه الخاص حسابا على الخدمة المطلوبة منه.