تمثّل عمليّة تحديث فن الحكي رهانا يسعى ماحي الصديق إلى خوضه والاضطلاع به مستعينا بالذاكرة الجمعيّة وبخبرة شخصية في الأداء تطوّرت مع مرّ الزمن، من أداء بعض النصوص السرديّة الموروثة بشيء من الأمانة في مراعاة حرفيّة النصّ الأصلي مثلما فعل في رواية حكاية «بقرة اليتامى»، إلى محاولة التحديث وطرح محتوى للحكاية مختلف عن محتواها الأصلي الموروث، مثلما فعل في حكاية «مولاّ» (حكاية تارقية). وهو في حكاية «ضاوية» يخوض تجربة جديدة، تستند إلى اختيار إطار القصة من التراث بعناصره المتمثلة في البناء السردي الحدثي والشخصيات القائمة بالفعل والمكان ، والإحالة إلى الزمن القديم، وتقديم قيم جديدة مستمدة من عصرنا الراهن، وهي قيم إنسانيّة تتعلّق بحق المواطنة عموما، وبحقوق الطفل بصفة خاصّة، تكشف هذه الحكاية عن وعي كبير بوصل التراث الفني السردي الموروث بمعطيات يفرضها عصرنا الحالي، ويخرج بالحكاية من إطارها الهويّاتي الضيق المتوارث عن الأجيال السابقة إلى آفاق أشمل وأرحب تبني هوية الإنسان بالعبور من خصوصيته الثقافية المتجسّدة في أسلوب الرواية وتقنياتها إلى العالمية من خلال العناية بالقيم التي أصبحت المناداة بها مظهرا من مظاهر العولمة. وهي قيم تخصّ شريحة واسعة ممن تستهدفهم رواية الحكايات، وهم الأطفال والفتيان. للحكاية أيضا إيحاءات رمزية تتعلّق بالسلطة الحاكمة؛ إذ يمثّل الحدث الرئيسيّ في القصّة الإطار (وهو الحدث الذريعة الذي يؤطّر القصّة الأساسيّة). يتناول هذا الحدث مسألة اختيار الحاكم، وقد عبرت الحكاية عن معايير ثلاث؛ القوّة والمال؛ والعناية بتربية النشء، فانحازت لهذا المعيار الأخير، مُعلية من شأن المرأة التي تمثل أساس إصلاح المجتمع.