يأتي الملحق الثقافي والفكري لجريدة الجمهورية «أوراق الجمهورية» ليكون بمثابة فضاء للأفكار والآراء، للتصورات والمفاهيم، والحوارات التي نحن بحاجة إليها لتفعيل النقاش والتفكير فيها من جديد، والكتابة حولها، ضمن فضاء يحمل مستجدات القرن الجديد ولغته وقضاياه...مما لا شك فيه أننا اليوم في مواجهة عالم مختلف عما كانت عليه قضايا القرن أو القرنين الماضين، مختلف من جهة المشكلات والأطروحات لا من حيث المحتوى، بل كذلك في طرق معالجتها وكيفية إقناع غيرنا بها. ولذلك يلعب الإعلام الثقافي من حيث هو قناة إشعاع دورا مهما في فتح النقاش وإثراء الأفكار حول قضايا الساعة التي تهم الوطن والعالم، ليس لغرض فرض تصور أو رؤية؛ بل لشرح ما يمكن أن يكون ملتبسا، وفتح آفاق أمام المتلقي مع الاحتفاظ بحيز لحرية القراءة والفهم والتأويل. ولعل من بين القضايا التي تُطرح اليوم مسألة التاريخ والذاكرة وما يرتبط بها من مفاهيم وتصورات: الاعتراف، الصفح، النسيان، التذكر، الحقيقة،...الخ، يبدو أنه من واجبنا أن يُسهم كل من زاويته في توضيح الرؤية، واستجلاء الهمم وتقوية المواقف التي تسمح لنا بأن نشكل من الجانب الفكري والثقافي تصورا قويا في الحوار مع الآخر، و«الغير» هنا يتحدد لا في بعده الجغرافي فقط؛ بل في كل ما يمكن أن يمس أنيتنا من فساد. لقد واجهت أمتنا العربية الإسلامية في تاريخها الكثير مثل هذه الحالات من النواحي الفكرية، الاقتصادية، والعسكرية حيث يمكننا أن نذكر على سبيل الحصر؛ تلك المواجهة التي أفرزت حركة فكرية تنويرية سميت بحركة الترجمة في ظل بيت الحكمة، واستطاعت من خلالها أن تُبدع في مجالات متعددة، خاصة التعريب وتبيئة المفاهيم والتصورات في الفكر الإسلامي، والتي فرضت على العالم كله أن يتكلم بلسانها وينقل علومها. واليوم ونحن في مواجهات لا تختلف كثيرا عن ذلك الوضع لما للتغيرات الجيواستراتجية من تأثيرات، فكيف يمكننا أن نواجه قضايا التاريخ والذاكرة، قضايا التاريخ والحقيقة، قضايا التاريخ وشرعية الاعتراف؟ هي أسئلة وأخرى كثيرة يحاول في هذا العدد مجموعة من الباحثين والمثقفين أن يفتحوا نقاشا جادا حولها، لا بغرض الرد على تقرير بناجمين ستورا فقط، وإنما إضاءة الطريق لمسارات أخرى مهمة تتعلق بالتصور الجديد لمعنى التاريخ وعلاقاته بالذاكرة.