مع تأكيد أن الإصلاحات السياسية الجوهرية في الجزائر هي تلك التي تمت عام 1989 بإرساء نظام التعددية السياسية و حرية التعبير و الحريات الفردية و الجماعية , ثم بصدور قانون الأحزاب السياسية عام 1997 وتعديلاته سنة 2012, إلا أنه لا يمكن غض الطرف عما تمخض عن هذه الإصلاحات من أزمات سياسية تطلبت تصحيحات و تعديلات جوهرية في المنظومة التشريعية , و في مقدمتها القانون الأساسي المتمثل في الدستور الذي حظي بأربعة تعديلات خلال العقدين الماضيين , آخرها ذلك المستفتى عليه في نوفمبر من العام الماضي . هذا التعديل وضع الخطوط العريضة للنظام السياسي الذي يسعى إلى إقامة الجمهورية الجديدة , و على ضوئه صيغت التعديلات الجوهرية التي طالت القانون العضوي الخاص بالنظام الانتخابي , الذي يحدد القواعد المتعلقة بنظام الانتخابات . و بالعودة إلى التأشيرات الدستورية المرجعية للقانون العضوي لنظام الانتخابات و البالغ عددها 31 مادة دستورية و هي المواد 7 التي تمنح الشعب وحده السلطة و السيادة و8 التي تخص الشعب بالسلطة التأسيسية وتحدد كيفية ممارستها و 12 التي تخول الشعب حرية اختيار ممثليه و 16( الفقرة 2) التي تحدد الإطار الذي يعبر فيه الشعب عن إرادته و يراقب السلطات العمومية و19 التي تعتبر المجلس المنتخب قاعدة للامركزية ومكان مشاركة المواطنين في تسيير الشؤون العمومية و 56 التي تمنح المواطن حف الترشح و حق الانتخاب. ترقية دور المرأة بعيدا عن المحاصصة و يضاف إلى ذلك المادة 59 التي تخص ترقية المرأة و توسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة و73 التي تتعلق بتشجيع الدولة للشباب على المشاركة في الحياة السياسية والمواد 85 و87 و88 و94و 95 المتعلقة بالانتخابات الرئاسية و شروط الترشح لها و ما يعترضها من ظروف و حالات خاصة و120 المتعلقة بالتجوال السياسي للنواب و 121 وتخص انتخاب أعضاء البرلمان بغرفتيه و122 التي تحدد مدة العهدة البرلمانية و 123 و تخص كيفيات الانتخاب و126 توضح حالات فقدان استيفاء شروط قابلية الانتخاب و 132 وتتعلق باستخلاف النائب و 140 التي تحصر مجالات التشريع للبرلمان بالقوانين العضوية و 141 (الفقرة2 ) تخص القوانين التي تندرج ضمن مجال الوزير الأول او لرئيس الحكومة حسب الحالة و 142 المتعلقة بالتشريع بأوامر من طرف رئيس الجمهورية و151 المتعلقة بحل البرلمان و 191 المتعلقة بنظر المحكمة الدستورية في الطعون و 197 الخاص بالرقابة على القوانين العضوية و 198 المتعلقة بعدم دستورية النصوص التي لا تصادق عليها المحكمة الدستورية و 200 و تتعلق باستقلالية السلطة المستقلة للانتخابات و 201 وتخص تعيين رئيس السلطة المستقلة للانتخابات و202 وتتعلق بمهمة هذه السلطة و 203 و تنص على دعم السلطات العمومية للسلطة المستقلة و 204 التي تمكن المؤسسات القائمة من مواصلة مهامها إلى حين تنصيب الهيئات البديلة, هذا مقابل 26 تأشيرة دستورية في التعديل السابق للنظام الانتخابي . و يمكن تلخيص أهم الإضافات التي جاء بها التعديل الدستوري لصالح النظام الانتخابي عموما و الانتخابات التشريعية بشكل خاص, في ربط تمديد حالات الطوارئ, الحصار أو الاستثناء بموافقة البرلمان بغرفتيه, ونفس الشيء بالنسبة لإرسال الجيش إلى الخارج. و من ذلك أيضا إقرار التصويت تحت القبة البرلمانية بحضور أغلبية النواب للحد من ظاهرة الغيابات , و منها تحديد العهدة البرلمانية بعهدتين متتاليتين أو منفصلتين لإفساح المجال للتداول على المناصب الانتخابية , و منها حصر الحصانة البرلمانية في المهام التي لها علاقة بالصلاحيات البرلمانية , و منها دسترة السلطة المستقلة للانتخابات و تعزيز مهامها و تشكيلتها و تنظيمها و عملها , و منها كذلك إلزام النواب بالتصريح بممتلكاتهم في بداية و نهاية العهدة . كما ألزم التعديل الدستوري الحكومة بإرفاق مشاريع القوانين بمشاريع النصوص التطبيقية الخاصة بها ,و كذا بتقديم المستندات و الوثائق الضرورية للبرلمان لممارسة مهامه الرقابية . فضلا عن حصر التشريع بأوامر خلال شغور البرلمان ,و كذا بتقديم المستندات و الوثائق الضرورية للبرلمان لممارسة مهامه الرقابية . فضلا عن حصر التشريع بأوامر خلال شغور البرلمان . و لا بد من الملاحظة هنا بأن ما تم عرضه من مواد يخص في مجمله موقف المتفائلين الذين عادة ما يركزون على الوجوه الإيجابية للعملية الانتخابية و مرتكزاتها الدستورية , أما الثغرات في النظام الانتخابي فقد سبق و أن ستعرضنا بعضها في قراءات سابقة .كما أن الظرف الراهن يوجب الاستثمار في ما هو موجود و دعمه قدر المستطاع لبناء مؤسسات منتخبة قادرة بشعبيتها على مواجهة التحديات الراهنة و المستقبلية.