تشهد الكثير من شوارع و أحياء مدينة وهران كغيرها من المدن الجزائرية هذه الأيام وبمناسبة الدخول الاجتماعي الجديد انتشارا لافتا لباعة الأدوات المدرسية الذين فرشوا سلعهم على قارعة الطريق وحجزوا الأرصفة لعرض ما لديهم من لوازم ، منتهزين فرصة الدخول المدرسي . لكن مع ذلك تعرف سلعهم المعروضة إقبالا كبيرا من قبل المواطنين الراغبين في توفير بعض الدنانير والهاربين من غلاء أسعار الأدوات المدرسية التي تباع بالمكتبات و الوراقات، أو من الاكتظاظ بهذه المحلات التي سجلت تهافتا منقطع النظير خلال اليومين الماضيين ، خاصة مع المساء، وعن سبب اختيارها لاقتناء الأدوات المدرسية من عند هؤلاء الباعة، أخبرتنا السيدة « مختارية « التي كانت تحمل قائمة طويلة من وجهين أنها تتتبع الأسعار المنخفضة أينما كانت لاقتناء مستلزماتها ، وذلك بسبب تدني المستوى المعيشي للمواطنين، « لاسيما وأنني -تضيف السيدة مختارية - أعمل كمنظفة بالبلدية وأتقاضى راتبا شهريا زهيدا، و زوجي بائع خردوات، و لنا 4 أطفال كلهم يدرسون، وبالكاد نوفر لهم لقمة العيش ومستلزمات الدخول الاجتماعي، من مآزر وحقائب، لذلك قررت اقتناء الأدوات من الرصيف، بسبب تدني أسعارها مقارنة بتلك التي تباع بالمكتبات والمحلات، حيث أنني لمست فارقا في السعر ما بين 5 دج إلى 20دج في بعض المستلزمات، فمثلا الأقلام تباع في المكتبات بين 25 دج و 35دج ، وفي الطاولات وجدتها بين 20 دج و 25دج، أما الكراريس فتتباين أسعارها حسب عدد الصفحات، حيث أنني وجدتها في المحلات تعرض بين 40 دج إلى 100دج ، وعند الباعة متوفرة بسعر يتراوح بين 35 دج و 85 دج ، أما المحافظ فسعرها تراوح بين 1000 و 2500 دج في الطاولة ، بينما تجاوز ثمنها 8000 دج بالمكتبات ، لكن مع ذلك ففاتورة اللوازم المدرسية لأبنائي الأربعة تعدت 10 آلاف دينار بسبب كثرة الأدوات. أما السيد حسان الذي التقينا به وهو يهم بالمغادرة بعد أن اشترى كل أدوات ابنه الوحيد « لؤي « من الرصيف فقد أخبرنا أنه قام سابقا شراء كل ما يحتاجه ابنه من أدوات من المكتبة المختصة ببيع كل مستلزمات الدراسة بحي جمال الدين، إلا أنه قرر هذه السنة شراء كل ما يلزم ابنه من الباعة العشوائيين المنتشرين على الأرصفة، بالرغم من أنه يعلم أن هذه السلع لا تمتاز بالجودة ، وهي مقلدة وغير أصلية، و ذلك لسبب واحد هو أن ابنه لا يحافظ على أدواته ، إذ لطالما اقتنى له أجود وأغلى الأدوات المدرسية وفي كل مرة يطلب منه أدوات جديدة منتصف السنة ، بحجة أن أدواته ضاعت أو انكسرت، الأمر الذي جعله يتوجه لشراء أدوات أرخص، حتى لا تكون خسارته كبيرة . أما « فؤاد « وهو أحد هؤلاء الباعة الذين وضعوا طاولاتهم على الرصيف لقطع طريق المارة ،فقد أخبرنا أن إقبال الأولياء على سلعته جيد لحد الآن ، لأنه يعرضها بأسعار معقولة ، مقارنة بالتي تباع بالمحلات والمكتبات، وعن سر سعر هذه اللوازم أكد لنا فؤاد أنه يقتنيها من باعة الجملة و يفضل أن يكون ربحه فيها قليل، ومؤكد على أن يكون كثير وغير مضمون . هذا و تجدر الإشارة إلى أن باعة اللوازم المدرسية المنتشرين عبر أرصفة المدينة هذه الأيام هم باعة موسميين يغيرون تجارتهم حسب كل مناسبة ، ويتلقون صعوبات كثيرة في مزاولة نشاطاتهم غير الشرعية، بسبب شكاوى يقدمها أصحاب المحلات الذين ينافسون سلعهم ، ما يدفع بالمصالح بالمختصة بمنعهم وطردهم من أماكنهم التي يعودون إليها في كل مرة ، غير آبهين بخطورة ما يقومون به قانونيا ، آملين أن تتحسن أوضاعهم المادية ليتخلصوا من البطالة التي يعيشونها، ويتمكنوا من العمل بطرق شرعية تكفيهم عناء الركض من مكان لآخر بغية تجنب المشاكل و توفير لقمة عيش عائلاتهم .