أكد وزير العدل حافظ الأختام, عبد الرشيد طبي, أمس بالجزائر العاصمة, أن موضوع استقلالية السلطة القضائية شكل «أحد أهم محاور الإصلاح الشامل" التي جاء بها دستور 2020. وأوضح الوزير في كلمة له بمناسبة افتتاح السنة القضائية 2021-2022, أن محور القضاء كان "محل اهتمام العديد من المتابعين, سواء من داخل أسرة الفضاء أو من خارجها", مبرزا أن هذا الدستور أحدث "إصلاحات قوية" أهمها تعزيز صلاحيات المجلس الأعلى للقضاء وتوسيع المشاركة القضائية فيه بما يضمن "التمثيل الكافي للقضاة ونقابتهم". وتابع بأن دستور 2020 قد ضمن لهيئة الدفاع "حقوقا أساسية" في ممارسة مهامها ووفر لها "الضمانات القانونية التي تكفل حمايتها من كل أشكال الضغوط وممارسة المهنة بكل حرية في إطار القانون", فضلا عن توفير "ضمانات للمتقاضي من أي تعسف يصدر عن القاضي", مشددا على أن تكييف القوانين المتصلة بالدستور يعتبر "حتمية ضرورية". وشكل تعديل الدستور --يضيف الوزير-- "نقطة الانطلاق" لبناء مؤسسات جديدة بدأت بانتخاب نواب المجلس الشعبي الوطني, مشيرا إلى الاستعداد لاستحقاق وطني هام يتمثل في الانتخابات المحلية المزمع إجراؤها يوم 27 نوفمبر القادم, لافتا إلى أنه مع تكييف باقي المؤسسات الدستورية مع الدستور الجديد, ستكون الجزائر قد "استكملت بناء مؤسساتها في ظل وضيع دولي وإقليمي متوتر يطبعه التحرش ببعض البلدان التي تمسكت بسيادتها واستقلالية قراراتها". وأكد السيد طبي أن "هذه الديناميكية التي تتوق الدولة إلى إعطائها مزيدا من الدفع بإشراف الرئيس تبون, وبمشاركة كل المؤسسات وشرفاء هذا البلد من نساء ورجال, قد أثارت حفيظة جماعات تعودت على الإعاشة من حالة التسيب ووجدت نفسها في وعاء واحد مع الفئة التي تعودت على الاقتيات من ضعف الدولة وسياسة اللاعقاب والاستقواء أحيانا بمن لا يريدون الخير لهذه الأمة و لا ازدهارها واستقرارها". وقال الوزير أن هؤلاء "لازالوا يشحنون بطاريات البغضاء وإثارة الفتن لتعطيل مسار التنمية", والذين "لن يفلحوا في ذلك بوعي شعبنا وشعوره الوطني وقدرته على التمييز بين من يعمل لصالح الوطن وبين من يغرد خارج السرب". [ الإصلاحات في قطاع العدالة موازاة مع محاربة الجريمة ] ولدى تطرقه إلى الإصلاحات الجارية في القطاع, أوضح السيد طبي أنها "تأتي بالتوازي مع جانب لا يقل أهمية ألا وهو محاربة الجريمة بكل أشكالها", وهو ما يدخل --مثلما قال-- في "صلب برنامج الحكومة", مبرزا أن التصدي لمختلف أساليب الإجرام كان محل "عناية خاصة", حيث تم تعديل قانون الإجراءات الجزائية قصد إنشاء قطب جزائي وطني متخصص في الجرائم الاقتصادية والمالية بغرض معالجة قضايا الفساد التي تسببت في "هدر مقدرات الأمة وانهيار المنظومة الأخلاقية للمجتمع". وبغية مسايرة الأحداث التي شهدتها البلاد, شدد الوزير على أهمية "تعزيز المنظومة القانونية الرامية للتصدي الحازم لحرائق الغابات التي مست ثروتنا الغابية من طرف جماعات إجرامية تخريبية, إلى جانب التصدي لظاهرة المضاربة غير المشروعة التي أنهكت القدرة الشرائية للمواطن", وهي الظواهر التي تطلبت --يستطرد الوزير-- "سن قوانين ردعية في إطار السياسة الجزائية للحكومة بأمر من السيد رئيس الجمهورية". كما كشف الوزير أن "حجم ونوعية القضايا المعروضة على الجهات القضائية عبر الوطن يتفاوت من جهة إلى أخرى, مما يحتم إعادة النظر في تصنيفها حسب معايير موضوعية تراعي عدد وطبيعة القضايا التي تعالجها". وسيتم في هذا الإطار "إعطاء المحاكم العمالية والتجارية كل العناية, نظرا لما يفرضه الوضع الراهن من حماية للمؤسسات وعمالها في إطار السياسة التي تنتهجها الدولة, والتي ستتميز بإعادة إحياء العديد من المؤسسات الاقتصادية حتى تتمكن من الدفع بعجلة التنمية وتوفير مناصب الشغل". وفي هذا الشأن, ذكر السيد طبي أن "هذه السياسة الاقتصادية كانت رهينة المخاوف التي تنتاب المسيرين المحليين, والتي كانت سببا مباشرا في حالة الانسداد وتعطل المشاريع, إلا أن رئيس الجمهورية أسدى تعليمات صارمة تصب في اتجاه توفير جو من الطمأنينة لتحرير سلطة اتخاذ القرار لدى هؤلاء المسؤولين وتوفير مناخ يسمح لهم بتحمل مسؤولياتهم". وبهذا الخصوص, أشار الوزير إلى أنه "سيتم تنصيب فوج عمل قبل نهاية الأسبوع يضم قضاة متميزين ومحامين وجامعين مقتدرين لمراجعة القوانين ذات الصلة بهدف رفع التجريم عن أفعال التسيير وضبط الخطأ الجزائي من خلال تعديل قانوني العقوبات والإجراءات الجزائية وكذا القانون التجاري". وخلص الوزير إلى أن "المكاسب الدستورية لمصلحة القضاء تعني في مصبها خدمة المواطن والاستجابة لمطالبه", مبرزا أن برنامج الحكومة "أولى عناية خاصة لتسهيل الولوج للعدالة وتدعيم الآليات المسهلة للتقاضي وتحسين نوعية الاستقبال والخدمات المقدمة لمرتفقي القضاء ومواصلة مسار عصرنة قطاع العدالة".