يواصل المخزن قمعه الممنهج من خلال الترهيب وتكميم الأفواه, مستغلا القضاء للانتقام والإعلام للتشهير, والأجهزة الأمنية لإخراس كل صوت يكشف فساده أو يرفض استبداده, في مشهد يؤكد زيف شعاراته عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. في ظل هذه الممارسات, حذر الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان, في بيان يوم الأربعاء, من "تغول أمني" متزايد يسعى إلى خنق أي تعبير حر, مشيرا إلى أن "القضاء المغربي بات وسيلة لإسكات الأصوات الحرة بدلا من أن يكون سلطة مستقلة تحقق العدالة وتحمي الحقوق". وأشار الائتلاف الحقوقي إلى استغلال القضاء في قمع المعارضين, عبر محاكمات صورية وأحكام قاسية تستهدف كل من يجرؤ على التعبير عن رأيه بحرية, موضحا أن الصحافيين والحقوقيين لم يكونوا وحدهم ضحايا هذه السياسة, بل شملت قائمة المستهدفين المدونين والنشطاء المناهضين للتطبيع, على غرار رضوان القسطيط الذي صدر بحقه حكم بالسجن سنتين, ومحمد بوستاتي الذي اعتقل على خلفية مواقفه المعارضة. كما تمت متابعة 13 ناشطا من الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع بسبب مشاركتهم في حملة مقاطعة السلع الصهيونية بسلا (غرب). إضافة إلى ذلك --يضيف البيان-- امتدت يد القمع لتطال الفئات الأكثر ضعفا, حيث تم اعتقال الطفلة ملاك الطاهري قبل الإفراج عنها لاحقا, كما تم رفع العقوبة الحبسية بحق سعيد آيت المهدي, رئيس التنسيقية الوطنية لمتضرري زلزال الحوز, إلى سنة سجنا نافذا, وتحويل حكم البراءة بحق المتابعين معه إلى الإدانة بالسجن لأربعة أشهر لكل واحد منهم. وتابع قائلا: "أما الحقوقي فؤاد عبد المومني, فقد أدين بالسجن ستة أشهر نافذة, مع غرامة مالية, لمجرد مشاركته تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي", مضيفا بأن هذه المحاكمات "تؤكد أن المخزن لم يعد يكتفي بالمراقبة والتضييق, بل انتقل إلى مرحلة أشد قسوة, تتمثل في الاعتقال الممنهج لكل صوت معارض". وتزامنا مع هذه التطورات, أطلق نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي حملات تضامن واسعة مع المعتقلين, حيث انتشرت وسوم تندد بالقمع وتطالب بالإفراج الفوري عن سجناء الرأي. وأشار الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان إلى أن القمع لم يتوقف عند استهداف النشطاء, بل امتد إلى المواطنين البسطاء الذين يعانون أوضاعا معيشية صعبة, حيث شنت السلطات حملات هدم واسعة في كل من الرباط وسلا والدار البيضاء, وطالت مساكن المواطنين دون أي احترام للأحكام القانونية الخاصة بنزع الملكية, مما أدى إلى تشريد العديد من الأسر. وفي ذات السياق, وثقت عدة منشورات عمليات الهدم التي استهدفت مساكن المواطنين, حيث انتشرت مقاطع مصورة تظهر جرافات وهي تشرع في تنفيذ قرارات الهدم وسط مشاهد من الفوضى والاعتراضات. هرت الشهادات التي جرى تداولها على نطاق واسع, حجم الأضرار التي لحقت بالسكان, في ظل غياب أي تعويضات أو بدائل سكنية, الأمر الذي أثار موجة استياء عارمة على المنصات الرقمية, وسط تساؤلات حول مدى احترام هذه الإجراءات للضوابط القانونية المعمول بها.