يتنقّل وزير الخارجية رمطان لعمامرة منذ إعادة تعيينه في منصب وزير الخارجية ضمن حكومة أيمن بن عبد الرحمن في جميع الاتجاهات ، بهدف تفعيل دور الجزائر في عديد الملفات المطروحة على المستوى الإقليمي أو الدولي ، من منطلق أنّ الجزائر بحجمها السياسي و الاستراتيجي عنصر فاعل في تفكيك عُقد الأزمات و استجماع الآراء حول قضايا شائكة ، خاصة في ظل التغيّرات و الانعكاسات السريعة التي تصاحب ظهور أيّ أزمة . و قد أثبتت الظروف أنّ حلّها لا يمكن أن يكون إلّا سلميا و في الحالة المعاكسة تعمّر أعواما و الأمثلة موجودة .، و كلّما قلّ حولها التدخل الأجنبي كثرت مؤشرات لملمتها و العبور بأصحابها إلى برّ الأمان . الدبلوماسية واجهة السياسة و مرآة عاكسة لكيفية تفكير النظام و مساره في رحلة البحث عن الأهداف ضمن التوافق ، لا يمكن أن تكون عشوائية أو وليدة ظرف معيّن بل مخططا لها ، سواء تعلّقت بالسياسة أو الاقتصاد أو الجانب الأمني و الاستراتيجي ، دبلوماسية تلاقي بين التثبّت بالمبادئ عندما تكون متّسمة بالرصانة و سلمية أدوات التنفيذ مع الاجتهاد قدر المستطاع من أجل الإقناع و تصّور الأدوات التي توصل إلى الحل بأقل التكاليف ، و الأمر يتعلّق بسلمية الطرح و التنفيذ . و هوّ ما تؤكد عليه الجزائر التي لا تزال متمسّكة بأبجديات التعامل مع كل الملفات القريبة من محيطها و حتّى تلك التي ترتبط بمصيرها في إطار الوطن العربي و العالم الإسلامي و الامتداد الإفريقي و الانتماء الإنساني. إنزال جزائري في عواصم عربية و من خلال كل الخرجات التي تقود الجزائر إلى الإدلاء بدلوها في قضايا شتّى يظهر تأنّيها الدبلوماسي غير المنساق لا وراء ضغوط و لا إغراءات و لا تحدّيات و لا ملء فراغات أو استظهار قوّة أو تحقيق صيت سياسي ، بل دبلوماسية تناضل من أجل جعل هدف تعايش الشعوب أمرا واقعا - و هو غير مستحيل - ، باعتبار المستحيلات ليست أمرا مفروضا عندما يلتزم كلّ بلد بحدوده السياسية و يحترم كيانه كدولة ، مطلوب منها المشاركة الإيجابية في حل الأزمات و ليس تعميق الفجوة للاستثمار فيها من منطلق تحقيق مآرب على حساب شعوب أخرى. و مهما يكن فالدبلوماسية و التسويق لها لا يتوقف عند وزارة خارجية أو تمثيلياتها في الخارج أو الطاقم الحكومي عموما بل يمتد إلى العمل التشريعي أيضا من خلال سلسلة التوأمة التي تربط البرلمانات ببعضها و حتّى الرياضة و الثقافة ، بالتسويق الحسن و الهادف الذي ينسج علاقات إقليمية و دولية على طراز واسع و يختصر الحلول في حل سلمي . و تشهد الدبلوماسية الجزائرية منذ أشهر حراكا مكثّفا يعيد القراءة المفصّلة في الملفات التي تتبنّاها الجزائر من أجل حلّ أزماتها عربيا و إفريقيا ، حيث تحرّكت الجزائر على صعيد أوسع من خلال الزيارة التي قادت رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون إلى تونس و أعقبها نزوله إلى القاهرة ، و لا يتوقّف وزير الخارجية عن التوجّه إلى عديد البلدان من أجل شرح الموقف الجزائري من الملفات و الإقناع بوجه النظر التي تتبنّاها الجزائر و تراها الأقرب إلى تفكيك الأزمات ضمن تعزيز العمل المشترك و الاستماع إلى الصوت الهادئ.