إعلان رئيس الجمهورية أمس بالعاصمة القطرية الدوحة عن تنظيم القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز بالجزائر, عشية إحياء الجزائريين للذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين و تأميم المحروقات ؛ هو تزامن إن لم يكن عن سابق تخطيط ,فإن الصدفة تتفوق أحيانا على أبرع المخططين . ففي ظرف اقتصادي غير مريح , فرضته صراعات جيوستراتيجية بين دول تهيمن على ثروات العالم الطبيعية و المالية , ويسعى بعضها لإركاع البعض الآخر لأهداف مدروسة تخدم مصالحها , وبتحييد الخلفية الأمنية الكامنة وراء الأزمة الأوكرانية ,و خلفياتها المرتبطة برهانات تموين الغرب باحتياجاته من الطاقة «الغازية بشكل خاص»؛ نصبح وجها لوجه أمام التحديات الاقتصادية التي على الجزائر معالجتها , وهي تحديات لم تعد تقتصر على الانتقال من اقتصاد مخطط إلى اقتصاد السوق , ولا من اقتصاد أحادي المورد إلى آخر متعدد الموارد ,و لكنها تكمن في استبدال اقتصاد زائل باقتصاد دائم , أو الاقتصاد المستديم الذي تحاول قمة منتدى الدول المصدرة للغاز جعل الغاز باعتباره مصدرا نظيفا للطاقة , قاطرة للتحول الطاقوي الذي أمسى حتميا في ظل تراجع معدل الإنتاج العالمي من البترول . و من أجل تجنب الأزمات الناجمة عن اضطراب تموين المستهلكين شعوبا و دولا باحتياجاتهم من الغاز فإن «فتح حوار مع الدول المستهلكة التي اعتمدت الغاز كمحرك مهم وأساسي لتقدم اقتصادها « كما اقترح رئيس الجمهورية في خطابه الذي ألقاه خلال أشغال القمة السادسة لمنتدى الدول المصدرة للغاز , و ضمَّنه الدعوة « إلى وضع 3 أولويات في المرحلة الراهنة تتعلق بتوسيع عضويته لدول أخرى وتعزيز مكانة هذه الطاقة في الأسواق الدولية وكذا ايجاد حلول تكنولوجية لتأكيد جودة الغاز كطاقة نظيفة», هي خطوة ضرورية لإرساء السوق العالمية للطاقة على أسس أكثر توازنا بين المنتجين و المستهلكين . و في هذا الخصوص استعرض رئيس الجمهورية اقتراحاته بالنسبة للأولويات التي يراها في متناول منتدى الدول المصدرة للغاز , التي تتوفر على أكثر من 70% من الاحتياطيات العالمية من الغاز و المتمثلة في:«- حشد المزيد من الفاعلين المقتنعين بأهمية الغاز الطبيعي لرفع التحديات الحالية والمستقبلية، من خلال انضمام دول جديدة مصدرة ومنتجة للغاز لتعزيز أدوارها والحفاظ على مصالحها من خلال الحوار مع الدول المستهلكة التي اعتمدت الغاز كأهم محرك لتقدم اقتصاداتها». - «و البحث المشترك عن أفضل مكانة للغاز الطبيعي في الانظمة الطاقوية وتثمين قيمته في الأسواق الدولية، فمن ناحية يعتبر الغاز الطبيعي طاقة للحاضر والمستقبل.. طاقة نظيفة ومرنة يمكن الوصول إليها وهي أيضا طاقة مفضلة لحماية البيئة إلى جانب الطاقات المتجددة الأخرى، ومن ناحية أخرى يحتل الغاز الطبيعي مكانة متميزة في العلاقات الاقتصادية الدولية، مضيفا أن البلدان المنتجة تمتلك احتياطات هامة من الغاز الطبيعي وتؤمن نصيبا كبيرا من الإنتاج والمبادلات الغازية، غير أن هذه الطاقة غير متجددة ويتطلب تطويرها استثمارات ضخمة». - و لذا «لابد من إيجاد حلول تكنولوجية فعالة ومبتكرة لتحسين جودة الغاز الطبيعي كطاقة نظيفة، لضمان وفرتها وقدرتها التنافسية في الأنظمة الطاقوية، ولهذا الغرض يمكن للمنتدى في الوقت الراهن استغلال معهد أبحاث الغاز الموجود في الجزائر لرفع هذا التحدي». و كذا تثمين هذه المؤسسة العلمية التي أنشأها المنتدى سنة 2017 , لتطوير الأبحاث المتعلقة بالغاز, و لا شك أن إشراف الجزائر على الأمانة العامة للمنتدى منذ أواخر العام الماضي , سييسر وضع هذه الأوليات حيز التنفيذ.