حول الأهداف الإستراتيجية التي تتوخاها الجزائر و كيف تسعى إلى تحقيقها من خلال الدعوة إلى قمة عربية و المشاركة النوعية في منتدى الدول المنتجة و المصدرة للغاز و تفعيل دورها في القمّة الخامسة و الثلاثين للاتحاد الافريقي و الزيارات المتوالية لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون إلى كل من تونس فمصر ثم قطر و الكويت و التدخل في أكثر من ملف و قضية على المستوى الإقليمي، أكد الدكتور عواد كيلالي أستاذ القانون العام بكلية الحقوق و العلوم السياسية بجامعة الجيلالي اليابس بسيدي بلعباس في حوار لجريدة "الجمهورية"، أن الجزائر في الوقت الراهن تسعى إلى استرجاع مكانتها الريادية التي كانت تحظى بها في وقت سابق، سواء إقليميا أو دوليا، حيث كانت صوتا مسموعا و يؤخذ بآرائها و مواقفها و أضاف كيلالي أن هذه المكانة فقدتها الجزائر لعدة عوامل أهمها تراجع دبلوماسيتها في عهدات الرئيس السابق إثر مرضه . و أوضح محدثنا بأن الجزائر كانت تكتفي بمشاركة الوزير الأول آنذاك أو المبعوثين الخاصين للرئيس . إلا أنه في الفترة الأخيرة بدأت الدبلوماسية الجزائرية تسترجع عافيتها من خلال الزيارات التي يقوم بها رئيس الجمهورية لأكثر من دولة خاصة العربية منها تحضيرا للقمة العربية . و تابع كيلالي قائلا أن هذه القمة لها أهمية كبيرة بالنسبة للجزائر، حيث ستطرح في جدول أعمالها كثيرا من القضايا و الملفات الشائكة التي تهم الوطن العربي. القرارات ضد المخزن صائبة و يرى الدكتور كيلالي أن عقد هذه القمة في هذه الفترة بالذات له دواعيه، خاصة بسبب تطاول نظام المخزن على الجزائر في أكثر من مرة، ما أدى بالأخيرة إلى اتخاذ قرارات هامة من بينها قطع العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية و توقيف تدفق الغاز عبر الأنبوب المار على أراضيها واستبداله بخط آخر يمر عبر البحر الأبيض المتوسط مباشرة إلى إسبانيا فأوروبا و اعتبر أن الإشكال الخطير المطروح في هذا الملف هو تواجد الكيان الصهيوني على الحدود الغربية للجزائر، فمنذ إقامة العلاقات المغربية الصهيونية بصفة رسمية أصبح نظام المخزن بيدقا في يد الكيان الصهيوني، يتصرف به كيف ما شاء، كما أن إقامة هذه العلاقات و التواجد الصهيوني بالمغرب تستهدف الجزائر بدرجة أولى، و الأخيرة تُعتبر شوكة في حلق الكيان الصهيوني و المغرب بسبب المواقف الثابتة تجاه القضية الفلسطينية ورفض التطبيع بشكل قاطع. كما تحدث الدكتور كيلالي عن الكيان الصهيوني إن كان قد نجح في إقامة علاقات مع دول عربية كثيرة في الفترة الأخيرة برعاية أمريكية، واعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني، فإن موقف الجزائر يبقى ثابتا . لذلك ستكون القضية الفلسطينية من أهم الملفات المطروحة على طاولة القمة العربية بالإضافة إلى مصالحة فصائلها . و أشار محدثنا أنه بالإضافة إلى هذا الملف ستكون هناك ملفات أخرى على طاولة القمة العربية، منها الملف الليبي ومحاولة لم شمل فرقائه ، ومنع التدخل الأجنبي في ليبيا، وحث قادته على العودة إلى الشرعية الدستورية في أقرب وقت. و أكد كيلالي أن مشاركة رئيس الجمهورية في قمة الدول المنتجة والمصدرة للغاز كانت ناجحة بامتياز، حيث عرفت انطلاق كثير من المشاورات و اللقاءات على هامشها ، و تأكيد الجزائر على دورها الريادي في مجال الإنتاج و التصدير للغاز إلى أوروبا، هذا الدور سيتبلور أكثر خاصة بعد الأزمة الروسية الأوكرانية، وإمكانية تخلي أوربا عن الغاز الروسي، الأمر الذي يستوجب البحث عن موارد بديلة خاصة ونحن في فصل الشتاء، حيث ستكون الجزائر المُصدِر الرئيسي للغاز نحو أوروبا . و بالتالي فإن الجزائر كما قال الدكتور كيلالي بدأت تسترجع مكانتها على المستوى الإقليمي والدولي، وأصبحت لها مشاركة فعالة في أكثر من ملف خاصة على المستوى الإقليمي، أهمها القضية الفلسطينية، و الملف الليبي و المالي و سعيها إلى إعادة دمشق إلى حضن الجامعة العربية . بالإضافة إلى القضية الصحراوية، واعتبارها تصفية استعمار، حيث دعت الجزائر في المحافل الدولية إلى ضرورة تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته تجاه حق الشعب الصحراوي في الاستقلال. و في ختام الحديث قال الدكتور كيلالي أنه لابد من التنويه بالدبلوماسية الجزائرية التي بقيت وفِيَةً لمبادئها و ثابتة على مواقفها، خاصة مساندتها القضايا العادلة في العالم، وعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول.