إستضاف مساء أول أمس مركز الأمل بمعسكر السيد هنري تيسيي أسقف الجزائر السابق ليحاضر أمام جمع مثقفي المدينة حول "الأمير عبد القادر" من خلال كتاب المواقف، حيث أوضح في البداية أن إهتمامه بالأمير عبد القادر بدأ عام 1966 عندما تم تكليفه بدراسة وثائق قديمة بأرشيف أسقفية الجزائر العاصمة ومنها رسالة كتبها الأمير عبد القادر عام 1862 ردا على رسالة شكر وجهها له أسقف الجزائر آنذلك السيد لويس أنطوان أوكتاف بافي، إثر حمايته المسيحيين خلال فتنة الشام وهي الرسالة التي شرح فيها أن موقفه من المسيحيين هو موقف تفرضه الشريعة المحمدية والحقوق الإنسانية. كما سمحت دراسة أرشيف الأسقفية بالعثور على مذكرات الأمير عبد القادر التي كتب بعضها بخط الأمير وبعضها الآخر بيد خليفته مصطفى بن تهامي خلال تواجدها بسجن أمبواز وبقيت المذكرات ضمن تركة النقيب جوانسوني المكلف بحراسة نزلاء السجن ليعرج المحاضر بعد ذلك للحديث عن كتاب المواقف وما تضمنه من أفكار حول القواسم المشتركة بين الديانتين الإسلامية والمسيحية والتي تتبعها السيد تيسيي ليؤكد التقارب بين الأديان السماوية وإن إختلفت طريقة معتنقيها في التعبير عن وحدة الخالق وعن المحبة لخلقه، وغيرها من الآراء اللاهوتية التي حاول سماحة الأسقف إستشفافها من خلال بعض "المواقف" التي إستعرضها أمام الحضور، بعد أن إستعرض الخطوط العريضة لسيرة الأمير عبد القادر وبداية تصوفه مباشرة بعد خروجه من السجن وإستقراره بالشام، وإهتمام بالفتوحات المكية لمحي الدين بن عربي، وكيف أنه أرسل في طلب مخطوطتها الأصلية من قونية وقام الأمير بطباعتها لأول مرة على نفقته. المحاضر شرح أيضا طريقة الأمير في كتابه المواقف إنطلاقا من آية من القرآن وحديث شريف وواقعة أو إجابة عن سؤال، كما تطرق لمخطوطات الكتاب، وطبعاته المختلفة، فضلا عن الكتب التي تناولته بالدرس والتحليل، خاصا بالذكر المجهود الكبير الذي بذله القس الفرنسي ميشال لڤارد من خلال ترجمته لجميع المواقف في ثلاث مجلدات ضخمة لاحظ المحاضر أن ثمنها (900 يورو) ليس في متناول الجميع. السيد تيسيي الذي قال: أنه إستغل تقاعده للمشاركة في فعاليات تظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية" منذ إنطلاقتها أشار أيضا إلى إهتمام الباحثين بكتاب المواقف للأمير عبد القادر مستدلا على ذلك بالملتقى الدولي الذي إحتضنه تلمسان في إطار التظاهرة المذكورة، وعرف 110 مداخلات، نصفها تقريبا تطرق للمواقف، خاصا بالذكر الكاتب الروائي رشيد بوجدرة الذي شرح موقف "المحبة". النقاش الذي تلا المحاضرة، أكد من خلاله سماحة الأسقف إقتناعه بأن " كتاب المواقف " من تأليف الأمير عبد القادر، رافضا التشكيك في هذا الرأي الذي أكده كما قال محاضر من سوريا قارن ودرس المخطوطات ال 17 الموجودة لهذا التأليف دون أن يذكر وجود من يرفض نسبة الكتاب للأمير. كما أكد السيد تيسيي عدم إقتناعه بإنخراط الأمير عبد القادر في تنظيم الماسوني، مفرقا في هذا الشأن بين الماسونية التي إتصل أعضاؤها بالأمير وبين الماسورنية المعروفة بعده من حيث الأسس العقائدية...