كثيرا ما تشدنا عادات وتقاليد وظواهر كانت ولاتزال متجذرة في عمق المجتمع على مر الزمن وأن تمسك الناس بممارسة تلك الظواهر وارتباطهم بها أيما إرتباط له دوافع وأسباب متعددة ومن أهم الظواهر بمستغانم التي نواها تتكرر بإستمرار من طرف السكان ولا سيما النساء بمختلف مستواياتهم الإجتماعية والثقافية هي ظاهرة زيارة اضرحة ومقامات أولياء اللّه الصالحين وبالأخص في المناسبات الدينية وأيام الخميس والجمعة والسبت ويتجلى تمسك سكان مستغانم بإحياء الكثير من العادات والتقاليد المستحبة أب عن جد مثل التويزة وهي إنجاز عمل جماعي بين أهل الحي أو مجموعة من الأحياء ونفس الشيء نجده في الدواوير التي إنطلقت منها مثل التويزة وغيرها وأن القيام بمثل هذه الأعمال يسبقه إقامة الولائم والزرادي بمقامات الأولياء وهذا ما نجده سائدا في مدينة مستغانم نفسها ومختلف القرى والدواوير التي توجد بها ضرحة ومقامات الأولياء وبالنسبة للنساء اللواتي يتوافدن على زيارة مقامات الأولياء، هناك رغبة تشدهن إلى التبرك بهذه الأماكن والكثير ممن تحدثنا معهن عن دوافع يصرحن بقولهن أن الزيارة لهذه الأماكن والمواقع المقدسة هو بدافع التبرك والخلود سويعات إلى الراحة والتمعن في أسرار الحياة فهذه فتيحة عمرها 50 سنة من مدينة مستغانم إلتقينا بها في رحاب الولي الصالح سيدي بلقاسم بمزغران قالت عن أسباب زيارتها لهذا المكان أني أتي كل ثلاثة أيام وأجلس في بهوالمقام واسترخي وحينذاك أحسن بنشوة مطلقة وراحة نفسية قد لا أجدها حتى في بيتي الذي واعتقد أن الكثيرات يشاطرني نفس الرأي وهذه أمينة عمرها 45 سنة وجدناها مع مجموعة من النسوة جئنا من عين بودينار ومناطق الشرفة إلى مقام سيدي شريف الموجود بضواحي قرية عين بودينار في منطقة وادي الشلف حيث جمعت الطبيعة ما بين الجبال والسهول والأراضي الخصبة والأراضي الطينية التي يستعملها الكثير من سكان المنطقة في الصناعات التقليدية فقالت لنا أمينة نيابة عن باقي زميلاتها اللواتي تتراروح أعمارهن ما بين 20 سنة و55 سنة قالت انتهزنا فرصة العطلة الأسبوعية وجئنا هنا لكي نقضي يوما في كنف الهدوء والطمأنينة والتبرك بالولي الصالح ووفي نفس الوقت والمكان نلتقي مع الأخريات من أماكن أخرى وتواصل محدتنا معبرة عن أجواء الخلود والراحة النفسية والتأمل في الطبيعة. وفي جولتنا إلى دائرة سيدي علي بمنطقة الظهرة كانت وجهتنا إلى سيدي عفيف الذي يبعد عن المدينة بحوالي 4 كلم وقد فوجئنا في ذات الخميس بإقبال لافت من طرف السكان المجاورين وأكثرهن النساء من الأوانس والعوانس اللواتي يقصدن سيدي عفيف طلبا منهم وحسبهن للسعي للظفر برجل مهما كانت وضعيته الإجتماعية،المهنية ولو بصفة مؤقتة في إنتظار فارس الأحلام وصاحب الجيوب المنتفخة وتواصل الحاجة مبروكة في قولها هذا هو قصدنا من المجيء إلى مقام الولي الصالح سيدي عفيف وبالنسبة لبلدية ماسرة أين يوجد مقام الولي الصالح سيدي بن ذهيبة ومن خلال متابعتنا للحركة المزدوجة التي تكون صباح ومساء يوم الخميس من كل أسبوع استرعى إنتباهنا إقبال واسع على موقع الولي وكذا الطحطاحة التي ينظم فيها سوق النساء الذي يباع فيه كل شيء وحتى الرجال تراهم يتسوّقون إلى سوق النساء وهكذا يكون المشهد الذي يتكرّر كل أسبوع. ومهما تحدثنا عن تشبث الناس على مختلف فئاتهم بدرجاتهم في المجتمع بأولياء الله الصالحين وعن السّر وراء الزيارات المتكررة في كل المناسبات لأضرحاتهم ومقاماتهم فإننا قد لا نصل إلى الحقيقة التاريخية والإجتماعية والروابط الدينية والروحية وان المقامات أو الزوايا أو الأضرحة والمحطات هي ظواهر ارتبطت بالتاريخ الإسلامي وكانت تمثل الوجه الرئيسي للعمارة الإسلامية وقد لعبت دورا مهمّا في مختلف العهود لأنه كانت تمارس بداخلها الشعائر الدينية وقبل وصول العثمانيين كانت الصوفية هي السائدة بمستغانم على غرار معظم مناطق الجزائر وتقربوا من الصوفية وعظموا الأولياء، كما سيطرت على الحياة السياسية والروحية، وفي عهدهم ساعدوا على بناء الزوايا وشاركوا في بناء القبب والأضرحة وقد وجدت الصوفية مجالا خصبا ومن هنا اعتبر المتصوّفون الدولة العثمانية كحاميتهم من الغزو الصليبي تحت راية الجهاد والدفاع عن الأرض والدين الإسلامي وعاشت الدولة العثمانية بالجزائر ثلاث قرون ورسخت الحكم حين مجيء الإستعمار الفرنسي لضعفها وعجزها عن دفع الضرر عن رعاياها وأن مشاييخ الصوفية أو الرمز الروحي نجد أثارهم اليوم في الأضرحة والقبب ومقامات الصالحين ومراكز الصوفية بطرقها المتنوعة وقد عرفت مستغانم منذ القدم بأوليائها الكثيرين ومنهم من عرفوا بعساسين البحر ومنهم سيدي المجذوب مولى جبل الديس الذي يطل على منطقة خروبة ومنهم كذلك سيدي خرشوش بصلاماندر وسيدي معزوز وسيدي منصور وعن حصة ذاكرة شعب يقول أستاذ التاريخ فاضل عبد القادر عرفت مستغانم منذ القدم بمدينة الألف ولي وهي شخصيات بارزة دفنت داخل سور المدينة وخارجه أنها شخصيات خدمت الرسالة المحمدية شخصيات عرفت لدى العرب والعجم وأن سيدي معزوز البحري هذا الرجل ولي الله خدم الرسالة المحمدية وكرّس حياته في تعليم القرآن وعلوم الشريعة الإسلام وألف العديد من الكتب في توحيد التصوف ويوجد ضريحه بتجديت وقد عاصر سيدي معزوز عدة شخصيات ومنها يوسف بن تاشفين المريني الذي توفي سنة 1106 هجرية ونظرا لمكانة سيدي معزوز عند سكان مستغانم وخاصة سكان الحي العتيق والتاريخي تجديدت أصبح ضريحه يجتمع حوله الناس ويقيمون صداقات وهذه السنة الحميدة تضاءلت بكثير في أيامنا الحالية وكانت قرب الضريح تتدفق مياه عين جارية تسري نحو وادي العين الصفراء الذي يخترق المدينة من شرقها إلى شمال غربها وكانت المياه تمر بالقرب من طاحونة وهذه العين كانت مياهها عذبة المذاق. وعلى سبيل الذكر لا الحصر من بين أولياء مستغانم هناك سيدي بن يحيى وسيدي سعيد البوزيدي الذي يوجد قبره بالقرب من دار بلدية مستغانم وهو من أهل مستغانم عاش في فترة القرن العاشر البحري وسيدي بختي وأمه لاله ستي الذي يقع قبره بالقرب من الزاوية العيساوية بحي تجديت وسيدي عبد الله من مستغانم بحي المطمر عاش في أواخر القرن العاشر الهجري وسيدي بلقاسم بوعشرية وسيدي لخضر بن خلوف الذي يوجد مقامه بضواحي بلدية سيدي لخضر المعروفة سابقا باسم لاباستي وسيدي عبد القادر وسيدي علي شريف وسيدي بن حوى وسيد بن صابر ومحمد بن سيدي السايح وسيدي عثمان وسيدي بوعجاج وسيدي لمهون وسيدي حمدوش وسيدي بلقاسم بمزغران وسيدي بن ذهيبة بماسرة وسيدي حمو الشيخ بتجديت وسيدي معمر وسيدي علي قاسوري وسيدي يعقوب وسيدي بلحلوش وسيدي أمحمد علال وسيدي الحراف وسيدي السايح وسيدي الشارف ببوقيراط وسيدي العجال ، سيدي أحمد بن عشير وسيدي محمد قايد وسيدي عزيز وسيدي بمهل وسيدي بوسيدي محمد عتيق وهناك أولياء كثيرون لا يتسع المجال لذكرهم جميعا والكل لهم مكانة لا تقل شأنا ، وللعلم أن هناك عددة أضرحة في مستغانم قد أبيدت وقت التوسيع العمراني إبان الإستعمار الفرنسي حيث كان يوجد ضريحان في المكان الذي يوجد عليه اليوم مقر البريد المركزي وسط المدينة.