مرت أمس الجمعة 24 سنة على أحداث 5 أكتوبر 1988 التي شهدتها بلادنا بمختلف ولايات الوطن ، هذا «الربيع الجزائري» الذي تمخض عنه عدة تغييرات جذرية في نظام الحكم وأساليب تسيير الإقتصاد وكذا ميلاد التعددية الحزبية وتوسيع هامش الحريات السياسية والتعبير والصحافة وحتى حقوق الإنسان هذه الثورة الشعبية المفاجئة التي وصفتها بعض المنابر الإعلامية بثورة «الخبز» و«الجياع» و «السميد» كانت منتظرة وهذا لعدة أسباب منها بالخصوص الأزمة الإقتصادية التي عرفتها الجزائر عام 1986 بسبب تدني أسعار البترول ، وما صاحبها من تدن للقدرة الشرائية وإفلاس العديد من الشركات الوطنية ، هذا دون أن ننسى كذلك معاناة الجزائريين من ثالوث الإقصاء والحرمان والبيروقراطية ، ضف إلى ذلك الإنغلاق السياسي الذي ميز الساحة الوطنية وعدم وجود هامش للحريات الحزبية والإعلام والتعبير وبالفعل فقد أدت هذه الإنتفاخة "الشعبية" التي شهدتها معظم ولايات الوطن ولاسيما الجزائر العاصمة ووهران ، قسنطينة ، تيزي وزو وعنابة إلى إحداث تغييرات شاملة أنهت حقبة من الزمن وفتحت عهداً جديداً وإن كان سوداوياً ومظلما في بعض فتراته بسبب دخول بلادنا في العشرية السوداء المقيتة إلا أنه أدى في الأخير إلى تكريس حقوق الشعب الجزائري التي رفعها شباب 5 أكتوبر 1988 وإنهاء حالة الجمود والركود الذي شهدته الساحة السياسية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية لذا ينبغي أن نؤكد بأن الجزائر قد شهدت ربيعهاً العربي الذي عرفته منذ سنتين تقريباً العديد من دول الجوار وأنه من يطالب ويتمنى أن تهب رياح هذا الربيع المشؤوم على بلادنا ، لا يريد إلا أن تعم الفوضى وإراقة الدماء وتدمير البنى التحتية بداخل وطننا ، ونعني بالخصوص هنا الفيلسوف الفرنسي المتصهين هنري ليغي الذي قال مؤخراً في أحد القنوات العربية بأن الربيع العربي "سيزحف إلى الجزائر عاجلاً أم آجلاً" وسيطيح بالعديد من الرؤوس ويغير الكثير من الأمور لذا يجب علينا أن نرد على هذه الأفاعي السامة والعقارب اللاذغة بأننا إجتزنا وبسلام هذا الخريف المشؤوم بل وأضحينا نموذجاً ورواداً في العالمين العربي والإفريقي في مجال التعددية السياسية والحرية الإقتصادية والإنفتاح الإعلامي البناء ، صحيح أننا في بداية الطريق لكننا تجاوزنا الركب بآلاف الكيلومترات وأن قطار الإصلاحات في بلادنا لا يزال ماضٍ ، فكما يقول المثل مسافة ألف ميل تبدأ بخطوة واحدة لذلك لا يجب أن نرى إلى الأمور بنظرة حاقدة ولا معتصبة (...) لأننا نحن الذي نقرر ربيعنا أما أن يهب علينا كريح السموم وبمذاق يغلي كغلي الحميم ومخيف كشجرة الزقوم ، فهذا لا نقبله بل علينا أن نجانبه ونحاربه بكل ما أوتينا من قوة مثلما حاربناه في تشريعيات العاشر من ماي وقريباً محليات ال 29 من نوفمبر المقبل .