مع اقتراب كل موعد أو استحقاق انتخابي يبدأ ''التخلاط'' السياسي بمفهومه السلبي وليس الإيجابي، فهناك أحزاب لا تريد أن تكون طرفا ضمن أطراف أخرى في السلطة، بل الاستحواذ على كل شيء، مراهنة على ما وقع في بلدان عربية شهدت تحولات سياسية. وهناك أحزاب تعرف نفسها على أنها زعيمة الديمقراطية ولكنها تبحث عن ألف ذريعة لتأجيل موعد الاستحقاق، ليس لأن الظروف غير ملائمة كما تدعي، وإنما لأنها تدرك مسبقا أن نصيبها من أصوات الناخبين في تضاؤل مستمر، وأحسن لها أن تبقى أو تتظاهر بأنها قوية من خلال مواقف البيانات على أن تشارك في الانتخابات وتظهر على حقيقتها. ثم أنه لا مجال للمقارنة بين الأوضاع في الجزائر والأوضاع في البلدان العربية التي شهدت انفجارات اجتماعية وسياسية، من شدة قمع الحريات وغياب التعددية الحزبية وحرية التعبير. وبالتالي لا جدوى من بناء حسابات استنادا إلى النتائج المحققة في هذه البلدان. فالشعب الجزائري قد يكون متعطشا للمزيد من المكاسب الديمقراطية والحريات، ولكن ليس لدرجة الظمأ، ذلك أنه يعيش عهدا جديدا للديمقراطية منذ عام ,1988 وكان سباقا للممارسة الديمقراطية سواء على مستوى ما هو مكفول من حرية تعبير ورأي دون أية قيود، أو من خلال التعددية الحزبية التي سمحت لمختلف التيارات السياسية بالمشاركة في التشريعيات، ويكفي أن الجزائر كانت أول بلد عربي يخوض تجربة تعدد المرشحين للانتخابات الرئاسية. ومن هذا المنطلق، فإن الحسابات التي لا تراعي الواقع الجزائري مآلها الفشل، وستثبت لا محالة أن أصحابها في واد والشعب واد آخر، كما أن الرهانات ستكون أيضا خاسرة كلما ابتعدت عن هذا الواقع.