يعتبر قسم الوثائق و الأرشيف الساكن بالطابق الثاني بمقر "الجمهورية "من أهم أقسام الجريدة بل هو مفخرتها الأولى و يكفيه تاجا أن بين جنبات مكاتبه توجد محطات الجزائر التاريخية عموما و وهران خصوصا المدونة منذ 12 أكتوبر 1844 وهو تاريخ أول نسخة لجريدة "لكو دورون " إبان الاستعمار سلسلة من الوقائع و الأحداث التاريخية المتسلسلة بلا انقطاع إلى غاية يومنا هذا شاهدة عيان على الثوابت و المتغيرات و أرض خصبة تثمر معلومات قيمة لكل المهوسين و المدمنين على معرفة تاريخ وطنهم ، و هو ما يفسر الإقبال الكبير على هذا القسم يوميا من لدن طلبة التاريخ و الصحافة و علم الاجتماع و الانثربولوجيا و كل التخصصات ليغترفوا من زاد علمي لا ينضب بل حتى ما يصطلح على تسميتهم بالأقدام السوداء يقفون مبهورين مذهولين و هم يطالعون الصفحات الصفراء التي حررها أجدادهم محمية بين طيات سجلات في غاية الإتقان لأنه تاريخنا قبل أن يكون تاريخهم . ماذا لو لم تكن لنا ذاكرة فأي الأوطان ستذكرنا هذا هو شعار المشرفين على جريدة الجمهورية بخصوص مصلحة الأرشيف فنحن لا نقدم خدمة عمومية إعلامية حبيسة الأخبار العاجلة و الطازجة و التحاليل السياسية و الاقتصادية رهينة الأحداث بل نتميز بتقديمنا خدمة من نوع آخر نحسب أنفسنا بتواضع العارف العالم أننا السباقين إليها في هذا المد الإعلامي الكبير بوطننا و هي الأرشيف الصحفي و الهدف من ذلك إيجاد ذاكرة خارجية يهتدي بها الصحفيون عند كتابة موضوع معين للتحقق أو لإضافة معلومات و إلا ستكون الكتابة سطحية تقف على جرف تحريري هار فالأرشيف لا يقدم خدمة للماضي فقط بل للحاضر و المستقبل وهو وعاء للمعلومات و بدونه تكون الكتابة خبط عشواء من تصب. و بما أننا مؤسسة إعلامية وطنية فإن جهود زملائنا الوثائقيين لا تقتصر فقط على حفظ وصيانة جرائد و مجلات الجمهورية الصادرة بتوالي السنين و ما اصطادته عدساتها من صور نادرة بل وسعت من دائرة اهتمامها ليشمل تخزينها بقية العناوين الصحفية الخاصة و العامة، الجهوية و الوطنية كالشعب و المجاهد و الوطن و الشروق و الخبر و صدى وهران و منبر القراء حتى تكون ذاكرة إعلامية تنطق باسم الجميع . لكن لا بد من التنويه أن قسم الأرشيف الخاص بجريدة الجمهورية بحاجة إلى العديد من الإجراءات التصحيحية ليبقى في مستوى الخدمة العامة التي يقدمها وعلى رأس النقائص تأتي معضلة الرقمنة أو ما يسميه أهل الاختصاص بالتوثيق الالكتروني خصوصا في وقتنا الحاضر حيث الاتجاه سائر نحو بناء شبكة معلومات إلكترونية لربح الوقت و الجهد و أي تأخر في مسايرة الركب التكنولوجي هو نقيصة تحسب علينا لا لنا كما أن الجريدة وبسبب قدم مقرها تعرضت لتسربات مائية في 1977 كانت من مآسيها أنها فقدت 5 سنوات من عمرها التوثيقي و لا بد على السلطات المعنية مساعدتنا لاسترجاع هذا الكنز في أقرب الآجال .