نواصل جولتنا عبر مختلف ولايات الوطن لرصد أجواء التفاعل مع الحدث العالمي وكذلك معرفة آراء مختلف شرائح المجتمع الجزائري حول مشاركة النخبة الوطنية في هذه التظاهرة الكروية وبعد أدرار تحط "الجمهورية" اليوم الرحال بمنطقة الساورة لجس نبض شوارع مدنها وقراها حول مونديال جنوب إفريقيا وصدى كأس العالم المقامة حاليا في بلاد الزعيم نلسن مانديلا أين أبدع الخضر في تقديم أفضل ما عندهم من عطاء كاد أن يثمر بتأهل تاريخي إلى الدور الثاني لولا عقم الهجوم والخطط المنتهجة من قبل المدرب الوطني الذي اتبع الحذر في كل المقابلات وخسر رهان التأهل عندما خسر المقابلة الأولى ضد سلوفينيا والتي أجمع كل المتتبعين في هذا في بشار على أنها مقابلة العمر ومباراة المنعرج الحاسم في التأهل الجزائري ولكن قدر الله ما شاء فعل هكذا هو سعدان والمدرب الحيران في استغلال لاعبين من طراز عالي لو كانوا عند مدرب آخر لصنع بهم ومنهم المعجزات على حد قول الحاج محمد من القنادسة لاعب سابق ومدرب حالي للفئات الصغرى وجدناه بمقهى الزرقاء بوسط مدينة بشار. * تاغيت وبني عباس، ألوان خضراء وأعلام مكثنا في بشار أربعة ليالي وتمكنا من التنقل من مدينة إلى أخرى ورغم بعد المسافات وإرهاق السفر المستمر إلا أننا كنا نرغب في معرفة رأي أكبر عدد ممكن من سكانها والتقرب من مواطنيها في أبعد نقطة من ترابها وفي تاغيت الساحرة وعلى كثبانها الذهبية أخذنا شايا أخضرا من مقهى قريب وصعدنا الجبل الرملي وسألنا مجموعة من الصبية حول المونديال فكان ردهم إجماع على تألق مبولحي ويبدة وتأسف وحسرة عن عقم غزال وفوضى صايفي أما في بني عباس وبعد زيارتنا للفندق المحلي والاستمتاع بمناظر في غاية الروعة من على سطحه نحو الواحة الكبيرة إلتقينا بالشارع الرئيسي أو السوق اليومي ورد علينا عبد القادر صاحب دراجة نارية شاب في ال 23 ربيعا يساعد والده الإعتناء بغابة النخيل بأنه لا يرى شىء إيجابي في خروج الخضر وأنه لا يوافق الآخرين في الرأي بأن مشاركتنا كانت ممتازة بل يؤكد على أنها كارثية بالنظر إلى ما تم صرفه من ملايير (بالعملة الصعبة) على الفريق الوطني من تربصات في الخارج وتنقلات وغيرها وعلى سعدان أن يتقدم للمحاسبة وان النتائج حتى تلك التي تحصلنا عليها في الدور الأخير من التصفيات المؤهلة للمونديال ضد مصر ورواندا وزامبيا هي من فعل اللاعبين وبسبب روحهم الوطنية وحبهم للجزائر لا غير حرارة بني عباس يبدوا أنها قد أثرت على عبد القادر فكانت أحكامه على الناخب الوطني قاسية وملتهبة أحيانا. * الحي الشعبي الدبدابة صور عملاقة أما في مدينة بشار فبالإضافة الى المحلات المفتوحة على الطبيعة لباعة الأشرطة الغنائية والملابس الرياضية هناك قطع من القماش الصيفي مخصص لإنجاز العباءات رمادي اللون قيل لنا بأنه يسمى "كتان بوڤرة" يلقى رواجا كبيرا لدى الباحثين عن تصميم ملابس صيفية وفي الحي الشعبي الدبدابة المعروف بكثرة سكانه وتواجد الدراجات النارية والهوائية بكثرة فيه وبالقرب من حمام تسفاوت سألنا أحد المارة شاب يلبس قميص زياني عن جدوى ارتدائه للقميص بعدما خسر المنتخب الوطني وخرج من المونديال فاخبرنا بأنه لن يتوقف عن حمل القميص الوطني لأن من يتحدثون عن الهزيمة والخروج المبكر حسبه من الجزائريين ذاكرتهم صغيرة وسرعان ما تناسوا أيام وليالي الفرح بعيد أم درمان وقبلها في مواقع رواندا وزامبيا وغيرها... وما لفت إنتباهنا هي تلك الصورة العملاقة لمجسم مبني بالجبس وعليه الدهن الفضي لكأس العالم يقوم العديد من الفضوليين بأخذ صورة بجانبه. * المونديال قضى على الروتين الصيفي صيف بشار هذه السنة جاء متميزا وكان للمونديال نصيب كبير فيه حيث يعترف أهل المنطقة وشبابها بصفة خاصة بأن أيام المونديال كلها زاهية وفيها مقابلات جميلة خاصة مع دخول الفرق الكبرى للمنافسة على الكأس وأن الشعور السابق في الأعوام الماضية بالروتين الممل في أيام الصيف الطويلة ومع الحرارة الكبيرة قد ولى وأن مباريات المونديال جعلت الكثير من المتتبعين يقرون نسبيا بالتخلص من آهات الصيف وثقل أيامه وفي غياب نشاطات ثقافية فنية وترفيهية ليلية يبقى المونديال في بشار يصنع الحدث وتبقى جلسات أهل الساورة المعروفة بحضور الشاي الصحراوي هي المتنفس الوحيد لسكان عشقوا الكرة وأحبوا "الخضر" حتى النخاع.