رغم تنفس المواطن المحظوظ الصعداء بحصوله على شقة بعد عناء طول الانتظار والادخار وتحقيق حلم العيش في « بطيما» جديدة وحي راق ورغم دفعه لأتاوات شهرية إضافية للمشرفين على مختلف الخدمات اليومية كالحراسة والصيانة ورفع القمامة إلا أنه غير راض على تقاعس عمال الوكالة في أداء مهامهم العملية ولا مبالاة جيرانه من سكان العمارة في التفرج على مظاهر الانحدار المستمر الذي يشهده الحي السكني (الجديد) لأن بقاء الأوساخ والقاذورات خطر يهدد الأمن الصحي والوقائي للجميع ولأن سكان العمارة من أصحاب «الكوستيم» و«العمامة» يجمعهم هم مشترك مثل ركاب الباخرة فإن التضامن فيما بين أفرادها أمر أكثر من ضروري وثقافة اجتماعية يتوجب ترسيخها، لكن الواقع اليومي المعاش (الأليم) يؤكد لنا بأن المواطن عندنا لا يهتم في غالبيته بالعمل الجماعي وقد لا يؤمن بجدواه أصلا وتنتهي علاقته بغيره عند عتبة داره والمحاولات العديدة التي يقوم بها بعض سكان هذه العمارات كمبادرات شخصية ودعوات جماعية لحل مشكل ما أو لتجسيد مشروع ما سرعان ما يقابلها النفور وتكثر من حولها الدعايات المغرضة ويتم التعامل مع صاحبها بسلبية كبيرة، حكايات كثيرة ومثيرة لسكان عمارات (الحاج لخضر) منها أحدهم قام بشراء مضخة وإنجاز عداد للكهرباء بعد موافقة الجيران ودفع من ماله الخاص ثمنها ووافق الجيران على تخليص الكهرباء جماعيا. وبمجرد وصول أول فاتورة للإستهلاك لم يدفع له إلا القليل وحارس ليلي يظل يستجدي السكان ليدفعوا له ثلاث مئة دينار فقط مقابل سهره على حراسة سيارتهم ومركباتهم وفي «باطيمة» الأساتذة والدكاترة اقترح أحد القاطنين إنجاز «أنترفون» في العمارة ليتمكن كل ساكن من فتح الباب الخارجي (للعمارة) من شقته بعد استماعه ومشاهدته للطارق عبر زر صغير متجنبا عناء الصعود والهبوط ومن أجل تضييق الحركة على الغرباء فكرة مذهلة ومبادرة لقيت استحسان الجميع، اتفق مع مؤسسة خاصة لإنجازه وحينما بدأ في دعوتهم لجمع الاشتراكات تغيرت تصرفاتهم وبدأت وجوه تختفي وأخرى تدخل بيوتها باكرا وثالثة تتهرب من ملاقاته ومن 30 ساكنا أغلبهم إطارات إدارية دفع له خمسة فقط مما اضطره لإلقاء المشروع وإبقاء أبواب العمارة مفتوحة!. حالة الاستهتار واللامبالاة وباء يهدد بنسف ما تبقى من عمارتنا الجميلة وعقلية الفردانية يجب أن تزول فالجار للجار رحمة كما يقال.