تعود الذكرى منذ أيام وتعود معها الفجيعة موشاة بندوبها···يعود معها العزاء من عمق القلب···تعود صفية موشاة بعبق رائحة الرمل الذي يحرس مدينة العين الصفراء من فيضان الموت ···خطف بابنته في شتاء عاصمي كسول··· قبله فيضان الوحل··· دكّ جسد الطاهرة إيزابيل ابرهارت . وصفية كتو هو الاسم الفني للشاعرة التي كانت في وثائقها الرسمية تحمل اسم زهرة رابحي. وهي من مواليد 1944 بعين الصفراء عند بوابة الجنوب الغربي للجزائر، حيث اشتغلت مدرسة للغة الفرنسية لغاية سنة 1969 لتنتقل إلى مدينة الجزائر وفي سنة 1973 أصبحت صحافية في «وكالة الأنباء الجزائرية». وكانت محققة صحافية وتعاونت مع صحف كثيرة. ومن كتبها المجموعة الشعرية «صديقتي القيثارة» سنة 1979 والمجموعة القصصية «الكوكب البنفسجي»، إضافة إلى عناوين أخرى. ومزجت بين الكتابة الصحفية والكتابة الأدبية، فلغتها الصحفية تعتمد على لغة شفافة. أما من جانب منجزاتها الشعرية، فقد صدرت لها مجموعة شعرية من 67 قصيدة، ومن الأفكار التي عملت على إبرازها؛ تنديدها بالواقع والظلم ودعوتها إلى الحرية والحب، وكتابتها الشعرية تتسم باللوعة، الأسى والحزن الشديد، حتى أنها صرخت ذات مرة لتقول: " ما أصعب أن يكون الإنسان امرأة ". عادت صفية كتو من جديد لتصنع الحدث الثقافي بعد أن كاد النسيان يلفها ولا يذكرها إلا بعض أصدقائها. وهي التي كانت روحها حاضرة في رواية «سيدة المقام» للروائي واسيني الأعرج، حيث إن بطل تلك الرواية كان يتأهب في نهايتها للوصول إلى النقطة التي رمت منها صفية كتو جسدها من أعلى جسر تيليملي في شتاء سنة 1989. ولم تتوقف ظاهرة انتحار الشعراء في الجزائر عند هذا الحد، ففي سنة 2010 أقدمت الشاعرة الشابة هادية رجيمي على الانتحار داخل بيتها وهي التي لم تتجاوز الثلاثين من العمر وفعلت ذلك بعد أن أصدرت مجموعتها الشعرية الأولى «عطر الثرى» وتبقى أسباب الانتحار مجهولة. وأخيرا فإن ظاهرة انتحار الشعراء في الجزائر لم تكن وليدة سني الاستقلال، بل تجاوزت ذلك في التاريخ المعاصر، ولعل أشهر المنتحرين قبل هذه الفترة هو الشاعر مبارك جلواح الذي رمى بنفسه في نهر السين بالعاصمة الفرنسية باريس سنة 1943. وهو المولود سنة 1908 بضاحية سطيف بالشرق الجزائري ترك ديوانا شعريا بعنوان «دخان اليأس» وبعد سنين طويلة من رحيله المفجع جمع الناقد الراحل عبد الله الركيبي كل أعماله في كتاب بعنوان " جلواح ".الشيء الأكيد أن للأدب قصة وللقصة مراسيم ولصفية كل اللغة