نسمع عن مآسي الناس، ونتألم لما يَرْوُونَه لنا من صراعات عائلية، وشخصية عاشوها أو هم يتمرغون في خضمها، ونرَبّت على أكتافهم، لأنّها كما قال أبو العلاء المعري، تعب كلها الحياة، لكن ما نتألّم له أكثر، ويبعث عن حزن عميق لما آل إليه المجتمع الجزائري إجتماعيا، حينما نرى الآباء والأمهات، يرمون من قبل فلذات الأكباد في الشوارع والوهاد، أو في دور العجزة، بعدما كانوا معززين فخورين بديارهم وعوائلهم، نعم قصص تشيب لها الولدان وتقشعر لها الأبدان لعقوق الأبناء نحو والديهم، وأعظم عقوق هو هجرهم والتخلي عن معاشرتهم ومصاحبتهم في هذه الدار الفانية.. الأب الذي يتحمل نزوات الوضيع والرفيع، ويصطبر على شظف العيش وذل السؤال لأجل أن يرى أبناءه وبناته رجالا ونساء، فحينما يتحقق الحلم، ويهم بقطف الثمار اليانعة، يدب الهجران، ويتشتت الود، ويتخلى الجميع عن عزيز القوم، والأمر سيان لدى الأمّ والرّؤوم، منبع الرحمة والحنان(..) كنت في جلسة مع شخص محترم، فروى لي أن أبا اعترته الأسقام، ومرض مرض الموت، فأخبر الطبيب المداوي زوجته بأخذه الى منزله ليقضي أيامه الأخيرة، حتى تثور حفيظة الإبن كالشيطان المارد، ليقول لأمه « لماذا جئت به الى المنزل، أتركيه ليموت في المستشفى» والله، المثال أصدق أنباء من الكتب، ماذا نقول لمثل هذا وذاك، العقوق عجلة دائمة الدوران، وكما تدين تدان وليام دور.