استطاعت جمعية القارئ الصغير في وهران أن تخلق تقاليد القراءة و زرع المخيال عن طريق مهرجان الحكاية الشعبية و مشاركة الكثير من الدول التي تأتي بتراثها الحضاري لتعريفه لجمهور البراءة و هذا من خلال عدة طبعات . وتعد شريحة الطفولة شريحة هامة في التكوين الهيكلي لأي مجتمع أو شعب عبر هذا العالم و المجتمع الجزائري لم يشذ عن هذه القاعدة إذ تشكل هذه الشريحة نسبة لا باس بها من مجموع أفراد هذا المجتمع ،لكن قد يطرح السؤال ما نصيب الطفل من الفعل الأدبي إما نشاطا أو نشرا. و تبقى الإجابة مختلفة بين الأخصائيين لكن الأشعار و القصة و الأشرطة المرسومة تعد مصادرا يمكن البناء على أساسها لأدب خاص بالطفل و قادر على التطور وأخذ مكانه بين الآداب المختلفة التي صرنا نسمع بها والتي صارت ترتبط إما بجنس الكاتب ذكرا أو أنثى أو بالمرحلة التاريخية أو بالأيديولوجية. كما أن لأدب الطفل روافده التي يمكن أن تستمد من الأدب الشعبي لكل مجتمع ومن هذه الروافد حكَايا الجدات، أغاني المواسم.، أغاني الشارع والحي.، الكتاب المدرسي، المنشورات من كتب ومجلات متخصصة، البرامج الإذاعية والتلفزيونية والأشرطة والأقراص المضغوطة والانترنيت إن تم استعمالها على وجهها الصحيح. ويمكن أن نسمي حكايا الجدات كأهم هيئة أدبية عبر القرون الماضية ساهمت في تشكيل ثقافة الطفل حيث كانت تقوم بدور حضاري، هذه المؤسسة التي لم يُعرفْ تاريخُ تأسيسها أو عددُ أعضائها ساهمت بقدرٍ عظيم في تكوين أجيالٍ وأجيالٍ انطلاقاً من الحكايا المسائية.ويمكن بلورة العوامل التي تنمي التذوق الأدبي لدى الأطفال وذلك بأثر من تعاملهم مع الأدب استماعاً أو قراءة أو مشاهدة، وذلك عبر التعبير باللغة والرسم عن أفكاره وإحساساته لتنمية قدراته على الاستفادة من ألوان الثقافة وفنون المعرفة وإعداده للمواقف الحيوية التي تتطلب القيادة والانتماء والتمسك بالجدية والاستفادة في الوقت نفسه من مناهج الحياة فالتذوق اللغوي والأدبي يحقق للأطفال مجالات وأفاقا أوسع في تعاملهم واحتكاكهم الاجتماعي والإنساني ويعالج سلبياتهم،فمن الملاحظ أن المجتمعات القديمة كانت تتصور أن ما ينطبق على الراشد ينطبق على الطفل، ففي مجتمعنا العربي مثلاً كان ينظر إليه على أنه رجل صغير، وبالتالي يعمل المجتمع على تأهيله لتحمل المسؤولية مستقبلاً، وانطلاقاً من هذه الواقع فعلى الشاعر أو الأديب أن يتخذ أسلوباً معيناً لتقديم أدبه للطفل،ولمعجمه اللغوي وينظر إلى مراحل نموه وتعليمه ودرجة إدراكه ومحيط تخيله ودائرة معرفته، كما يراعي جملة من القواعد كمخاطبته بلغة بسيطة واضحة مستوحاة من عالمه، مستخدماً أسلوباً قصصياً يشيع في النص حركية ويوفر عنصر التشويق، غير أن هناك بعض النماذج مستواها أعلى من مستوى الطفل، وبالتالي فهي تشكل عائقاً أمام الفهم والتلقي، إضافة إلى ذلك هناك اختلاف بين لغة الخطاب التي يتلقاها الطفل، لذا فهو أمام تمزق لغوي أو بعبارة أخرى فإن المجتمع يعيش نوعاً من الانشطار اللغوي، فهناك لغة البيت، لغة الشارع، لغة المدرسة، وما تحمله من تناقضات، فهناك لغة فصحى في الكتابة ولغة وسطى في الصحافة، ولغة ليس لها ملامح في الوسائل المسموعة والمرئية، ولغة سوقية في الشارع... ومن هنا يعد في نظرنا الكاتب للطفل أكثر توقفاً من غيره أمام لغة أدب الأطفال بسبب ذلك الانشطار الذي يعانيه المجتمع في مختلف أقطاره بين العامية والفصحى. والحديث عن أدب الطفل في الجزائر وفي غيرها لا يمكن أن نَفِيَه حقه دون الإشارة في البدء إلى ثقافة الطفل في وطننا العربي بمختلف مكوناتها وأبعاده فالطفولةُ هذا العالم السحريُ الجميلُ تشكِّلُ رهاناً أساساً وتحدياً كبيراً على مستقبل الشعوب ونظرا لما يحمله أدب الطفل من أهمية فإن مجرد غيابه يمثل مشكلة عويصة لأي مجتمع أين كان هذا المجتمع والمجتمع الجزائري على وجه الخصوص هو جزء من هذه المعادلة خاصة وان نسبة الطفولة فيه مرتفعة مما يستلزم برامج رعاية وتربوية خاصة فترقية حس الطفل الأدبي هو مسؤولية الجميع، خاصة الجانب التعليمي الذي يرسم لنا حدود الكفاءات المتوفرة للطفل، كما أن لغة التخاطب غائبة بين المؤلف والطفل، والجزائر كبلد وكمجتمع حديث التجربة بأدب الطفل حيث أن الذين يبدعون للطفل يجب أن يتوفروا على مجموعة من العلوم خاصة العلمية والنفسية والاجتماعية للغوص في أعماق هذه الشريحة الاجتماعية لان غيابها عن المسرح الأدبي هو غياب للمجتمع ككل .