يعتبر النفط سلعة إستراتيجية ناضبة تتهافت عليها كل الاقتصاديات العالمية. ونظرا للطابع الحيوي الذي يكتسيه البترول في نمو الصناعات بالمعمورة، بات من الضروري تنظيم أسواق تعامل الذهب الأسود بشكل يخدم طرفي العرض والطلب. إلا أن التاريخ أثبت أن ذلك صعب التحقيق، فبعد مرور 50 عاما على تأسيس منظمة أوبك للبلدان المصدرة للنفط لا يزال سوق المادة الأحفورية يتخبط في أزمات دورية، يرى فيها الخبراء أنها نتاج حقبة السبعينيات القرن الماضي. ولا يمكننا فهم هذه المعطيات دون الرجوع إلى تاريخ كارتل النفط: تأسست منظمة أوبك يوم 14 سبتمبر 1960 بمبادرة من الدول الخمسة الأساسية المنتجة للبترول (السعودية وإيران والعراق والكويت وفنزويلا) في اجتماع عقد بالعاصمة العراقية بغداد. وبذلك أصبحت أوبك أهم منظمة أنشئت من طرف الدول النامية لرعاية مصالحها. وكان السبب الأساسي لهذه المبادرة هو التكتل لمواجهة شركات النفط الكبرى. وانضمت قطر لهذه المنظمة عام 1961، ثم إندونيسيا وليبيا عام 1963، والإمارات والجزائر (1967)، ونيجيريا (1971)، والإكوادور والغابون (1973)، إلا أن الدولتين الأخيرتين انسحبتا على التوالي عامي 1992 و1996، ولذلك فإن المنظمة تضم حاليا إحدى عشرة دولة ومقرها العاصمة النمساوية فيينا. وتصنف أوبك على أنها منظمة حكومية وفقا للنظام الدولي، وبموجب المادة 102 من ميثاق الأممالمتحدة، وهي ليست مؤسسة تجارية ولا تدخل في عمليات مادية وتجارية. ويعتبر أمينها العام هو الشخص القانوني المسؤول عن أعمالها، كما أن موظفيها يعدون موظفين مدنيين دوليين. وتوفر دول المنظمة حاليا 40% من البترول العالمي، ولديها احتياطات أكيدة تمثل 80% من بترول العالم، حيث يبلغ إجمالي الإنتاج الحالي لأوبك 15.29 مليون برميل في اليوم، أما قدراتها إنتاجية فتفوق 22.35 مليون برميل يوميا. وقد عرف تاريخ هذه المنظمة محطات مهمة، حيث حاولت منظمة أوبك عام 1965 أن تؤثر على أسعار النفط الخام عن طريق تحديد سقف لإنتاج، وحددت لكل دولة حصة لها، إلا أن الدول الأعضاء لم تلتزم بذلك. وفي يناير 1968 أي بعد حرب ستة اأيام ، تمكنت المنظمة من إيجاد اتفاق مع الشركات الغربية يقضي بنزع الخصم على سعر البيع. وفي مؤتمر المنظمة في فبراير 1971 اضطرت الشركات النفطية إلى التخلي عن عقودها التقليدية الثنائية وتوقيع اتفاق جماعي يرفع من الأسعار، ووضع برنامج للسعر لستة سنوات. وفي أكتوبر 1973 تم التوصل إلى اتفاق في وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية وإيران واتبعهما في ذلك باقي الدول، ودخل سلاح النفط المعركة العربية الإسرائيلية وأقيم حصار على الدول المؤيدة لإسرائيل. ولولا الوساطة الجزائرية وتدخل الرئيس الراحل هواري بومدين شخصيا لتقريب وجهات النظر لما تمكن الطرفان من التوصل إلى أي اتفاق، حيث استخدم النفط كسلاح لأول مرة في تاريخ البشرية وخلص إلى إجراءين رئيسيين يهدفان إلى تخفيض إنتاج النفط وصادرات من جهة، وفرض حظر على تصدير النفط العربي إلى الولاياتالمتحدة الأميركية نتيجة لدعمها غير المشروط لإسرائيل في المجالات العسكرية والسياسية والدبلوماسية، وشمل هذا الحظر أيضا هولندا لمواقفها المنحازة لإسرائيل. وللتعرف على الأهداف التي رسمت لسلاح النفط أو التي يؤمل منه تحقيقها، نذكر أن قرارات وزراء النفط العرب نصت على أن إجراءات الحظر ستستمر حتى يتم الانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة وفي مقدمتها القدس، واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. والحقيقة أن الأهداف التي يمكن تحقيقها واقعيا من استخدام سلاح النفط يمكن تلخيصها في: إشعار الرأي العام العالمي بالقضية الفلسطينية وحشد التأييد من أجل حل عادل .والضغط على دول أوروبا الغربية واليابان للضغط على إسرائيل وعلى الولاياتالمتحدة الأميركية حليفها الأول.