تحيي هذه الأيام الجزائر المستقلة ذكرى تأسيس أول حكومة مؤقتة للثورة الجزائرية في 1958/09/19 كمحطة من محطات تاريخها أرادت بذلك تقديم المفاوضات على المقاومة أو ترجيح الكلمة الصادقة على الرصاصة الخارقة في حوار متحضر فجنحت للسلم كما أنها نبذت استعمال العنف في بيان نوفمبر 1954 مع العلم أن جوهر ومصدر ميلاد الثورة سببه العنف الأعمى والإرهاب المتعمد ضد شعب أعزل قال ربنا الله لعدو لا يحترم حقوق الإنسان ولا يحترم العهود والعقود والإتفاقيات الدولية ولا يحترم حق الشعوب في تقرير مصيرها. تستوقفنا الذكرى التي لها أكثر من دلالة في ملحمة شعب خاض مصيره نحو التحرر والحرية. منذ أن اقترفت فرنسا الاستعمارية مجازر 08 ماي 1945 الشنيعة تجسدت المعجزة في اندلاع الشرارة الأولى النوفمبرية بفضل تنظيم ثوري برز لفترة قصيرة جدا دامت أقل من ستة أشهر وقلب الموازين رأسا عن عقب. تأسست في مارس 1954 للجان الثورية للوحدة والعمل (CRUA) لتنير طريق الكفاح المسلح لأعضاء المنظمة السرية بقيادة الشهيد محمد بلوزداد في التحرك نحو العمل الثوري ثم اختفت فجأة بعد ميلاد وتأسيس التنظيم الثوري المتمثل في جيش التحرير الوطني والتنظيم السياسي المتمثل في جبهة التحرير الوطني. وتضم الجبهة كل الحساسيات السياسية من أقصاها إلى أقصاها في نظرة منغلقة على الاعتماد على النفس وبهدف تجنيد جماهيري واسع للشعب من جهة معتمدين على حملات القمع الممارس من طرف العدو ضد الشعب كأداة تجنيد مع توجيه ضربات موجعة للعدو ومنشآته من شأنها دفع العدو لارتكابه القمع والقهر. ويمكن تلخيص هاته المحطة الأولى للثورة الجزائرية في كلمة واحدة: "الانطلاقة" طبقا لمقولة سي محمد العربي بلمهيدي: "ألقوا بالثورة إلى الشارع ستجد من يحتضنها". وفعلا لقد عقد العزم هؤلاء الفتيان وتوكلوا على الله في مسيرة نحو النصر أو الاستشهاد بدليل أن كل قائد في هذا التنظيم عبّر بشكل أو آخر عن النصر أو الاستشهاد. ومنذ ذلك الحين بقيت الثورة تواكب مراحلها بانسجام وبخطاه ثابتة استطاعت أن تغيّر الظروف مؤثرة على كل أصعدة الحياة المهنية، الاقتصادية، الاجتماعية، العسكرية والسياسية، لتصنع أعز وأغلى حدث القرن العشرين بالدم والدموع وبالآمال والآم في تاريخ البشرية. وعلى أية حال لاحظنا نحن الجيل المخضرم تقاطعا مذهلا للاستعلامات المنقوشة في الذاكرة الشعبية المتواجدة في عمق الجزائر خاصة تلك المستقاة ممن صنعوا الحدث وشهود عيان عاشوا الوقائع في دواليب وأركان هياكل الثورة مقارنة بما جاءت به مؤخرا مذكرات ضباط شباب ينتمون لأسلاك الأمن والاستعلامات غيّورين على صيانة التاريخ وبالرجوع إلى مصادر إعلامية صدرت حال وقوعها مثل جريدة المجاهد للسنوات 1959/1958/1957 وأصداء الصحافة الأجنبية بردود أفعالها السلبية سمحت لنا بتوثيق وضبط وتحقيق المرحلة بجمع الأدلة وتمحصها وتفحصها، علما أن كل الأحداث الحربية التي وقعت منذ أزيد من خمسين سنة تجاوزها أمد التقادم ويمكن نشرها اليوم أمام حملة تزوير ذكي يقوم به أخصائيون أجانب في تحريف الكلام عن مواضعه وتلغيم التاريخ للأجيال.مما أثار اهتمامنا إنصافا لرسالة الشهيد من جهة حتى لا يذهب جهادهم هباء منثورا ومن جهة أخرى احتراما لطموح شبابنا. سنحاول بإذن الله سرد تلك الوقائع والأحداث نزولا عن رغبة العائلة الثورية في التطلع والمزيد إلى ما أنجزه السلف الصالح في ظروف حربية عسيرة استثنائية. الهجوم القسنطيني ومؤتمر الصومام سقطت فرنسا فيما خطط هؤلاء الأبطال البواسل وحاولت إخماد نار الثورة بمحاصرة الثوار الشجعان في منطقة الأوراس الأشم، مما حمل القيادة السياسية على شن هجوم الشمال القسنطيني في 1955/08/20 بقيادة الشهيد زيغوت يوسف بغية فك الحصار المضروب على الأوراس وإقحام الشرق الجزائري برمته في الحرب مع توسيع رقعة الثورة للغرب الجزائري بإقحام منطقة وهران وضواحيها في الحرب بتاريخ 01/10/1955 بقيادة سي محمد العربي بلمهيدي ثم فتح جبهة الجنوب بإقحام الجنوب الغربي في 17/06/1956 بقيادة شعيب بن عمر. ذلك ما جعل قوات العدو تتعزز لتقوم باعتقالات ومداهمات واسعة عبر التراب الوطني. فرّ الشعب هلعا مرعبا مرغما من البطش والتعذيب والاعتقالات المبهمة والعشوائية التي مورست على العائلات الجزائرية حتى تدفقت على جيش التحرير دفعات من الشباب بتعداد هائل يتطلب حتما تأسيس هياكل استقبال جديدة وإدخال أساليب حديثة لتنظيم الجيش إداريا وعسكريا تنظيما عصريا محكما. مما مهد لانعقاد مؤتمر الصومام. وكان جدول أعمال مؤتمر الصومام المنعقد بإفري إوزلاقن (بجاية) الجريحة بتاريخ 20/08/1956 بمثابة المحطة الثالثة لتنظيم الجيش بعد التنظيم الثوري المعتمد من قبل المنظمة السرية على شكل ألوية خفيفة لا يتعدى عددها 330 مجاهد زائد 10 ٪ من الإطارات موزعة على كتائب بعدد 110 وفصائل بعدد 33 ومجموعات بعدد 09 وزمر للإقحام والنيران والتغطية لا يتعدى عددها 03 أفراد. وأعلن عن هيكلة الجيش باستعمال الرتب العسكرية وتحديد المهام في هرم السلطة العسكرية مع تنوع اختصاصاتها سواء الأمنية والاستعلامية والاتصالية والقتالية. وجاء المؤتمر أيضا بتنظيم إقليمي حيث استبدل المنطقة بالولاية مع إحداث ست ولايات تاريخية متكونة من مناطق وأقسام كما نظم علاقة الجيش بالشعب الجزائري باستحداث منصب محافظ سياسي ينظم الشعب على شكل خلايا بتعداد 11 عضوا في الأرياف والبوادي و 05 أعضاء فقط داخل المدن. يشرف على الخلايا مجموعة تناضل تحت مسئولية فيدرالية يشرف عليها العرش أو القطاع الفرعي الذي يخضع للقطاع. على رأس كل دوار تعيين اللجنة خماسية تسمى جماعة الشعب تمثل سكان الدوار وتعمل بالتنسيق تحت إشراف للجنة ثلاثية تنتمي مباشرة لسلطة جبهة التحرير الوطني وتعتبر الاتصال الوطيد والوحيد بالتنظيم الثوري. وما يهمنا في هذه العجالة ما قرره المؤتمر فيما يخص مسار المفاوضات الذي حسمها نهائيا ضاربا عرض الحائط أطروحة »الجمعية التأسيسية« (L'assemblée constituante) وكذا فكرة »الإستقلال كشرط مسبق« (Le préalable de l'indépendance) من جهة ورفض قطعيا من جهة أخرى فكرة »ندوة الطاولة المستديرة« التي شمّ فيها رائحة الإشقاق والتباين بين الأفكار في غياب ممثل واحد، مؤكدا على أربعة مبادئ أساسية لا يمكن مخالفتها إطلاقا: (1) الاعتراف بالأمة الجزائرية واحدة موحدة لا تتجزأ. (2) بسط سيادة الجزائر في كل الميادين بما فيها الدفاع الوطني والشؤون الخارجية. (3) تحرري كل السجناء. (4) ناطق رسمي واحد يتمثل في جبهة التحرير الوطني وعي كامل لدى القيادة القيادة السياسية الجزائرية كانت تعي جيدا ما فعلته فرنسا بالفيتنام (Vietnam) لمّا اخترقت اتفاقية هو شي منه (Ho Chi Minh) حيث مزقت الوثيقة الدولية التي أمضيت بمدينة Sainteney سنة 1946، بقيت الجزائر حذرة اتجاه تصرفات إحدى شخصيات القانون الدولي بكيفية أحادية لم تحترم العهود والعقود والاتفاقيات الدولية شأنها شأن إسرائيل اليوم الذي يعتبر نفسها فوق القانون الدولي ليفعل ما يشاء و يبيد شعب غزة الصامدة بأكملها والفرق بسيط بين هذا وذاك، إذ أن فرنسا تملك حق الفيتو في قانون دولي تنسيقي أما إسرائيل كيان (وليس دولة) خلق بمرسوم أممي ويتصرف اليوم هكذا في سياق القانون الدولي الذي أصبح إلزامي بفضل العولمة وأحادية القطب المنبثق من مالطا (Malte) وليس تنسيقي وليد ازدواجية القطب المنبثق من يلطا (Yalta). وهاهي ذي تناور من جديد في لقاءات سرية ضبط منها لقاء نظمه البروفيسور أندري ماندوز (André Mandouze) بالجزائر العاصمة دار بين ممثل منداس فرانس (Mendès France) وعبان رمضان رفقة بن يوسف بن خدة بتاريخ 12/04/1956، ثم لقاء القاهرة دار بين محمد خيدر وممثل قي مولي (Guy Mollet): كورس (Gorse) وبقارة (Begara) وكذا لقاء بلغراد بتاريخ 21/07/1956 دار بين محمد يزيد وأحمد فرانسيس مع بيار كومين (Pierre Commin) ولقاء 02 و 03/09/1956 بروما بين محمد يزيد رفقة محمد خيدر وكوان عبد الرحمن وممثل فرنسا كازال (Cazelles) وهربانت (Herbant) ويعتقد أنه هرسانت (Hersant) صاحب مخطط تقسيم الجزائر. وحقيقة الأمر أن فرنسا كانت تسعى بتنظيمها مثل هذه اللقاءات التي سمتها بنوع من الهزلية Pourparlers أي محادثات إلى فحص ودراسة ومعاينة الاختلاف والتباين في المواقف بين الإخوة حتى تستطيع التسلل لإرضاء البعض على الكل وعلمت بهذا المنهج أن هناك قيادة عسكرية عمليته بالغرب (COM Ouest) وأخرى بالشرق (COM Est) أطلقت عليهما مصطلح مجموعة وجدة (Clan d_Oujda) ومجموعة تونس (Clan de Tunis) واقترحت في مخطط هرسانت منح الاستقلال الذاتي لمنطقة تلمسان لإرضاء المجموعة الأولى والاستقلال الذاتي لمنطقة قسنطينة لإرضاء المجموعة الثانية مع محاولة إقناع شيوخ وأعيان الصحراء بانضمامهم إلى جيش الجنرال بلونيس للمطالبة باستقلال الصحراء. لكن فرنسا (الاستدمارية) لم تفلح أمام إرادة صلبة وقوية للقيادة المركزية المتماسكة والواحدة الموحدة في السهر على وحدة التراب ووحدة الهدف ووحدة الشعب. أما عن الجنوب الغربي لقد فشلت فرنسا في محاولتها الضغط على شيخ الزاوية الزيانية بالقنادسة إذ هرع شيخها سيدي عبد الرحمان ولد سي العرج إبن سيدي امحمد بن بوزيان إلى الاتصال بجيش التحرير الذي رحّله في هجرة سرية إلى المغرب حتى لا يعلن عن انفصال الصحراء على البلد الأم. وتصرف كذلك الشيخ بيوض بن عمر في الجنوب الشرقي لمّا استعمل أسلوب ديمقراطي في رد مزاعم العدو بأسلوب يليق بالبرلمان. تفطنت مبكرا القيادة السياسية المركزية اليقظة وحسمت مسألة الجهوية التي أرادت فرنسا أن تعزف على أوتارها بتعيين أول اللجنة تنسيقية وتنفيذية (CEE) منبثقة من قرارات مؤتمر الصومام سميت باللجنة الخماسية تضم الأعضاء الآتية (عبان رمضان، يوسف بن خدة، محمد العربي بلمهيدي، سعد دحلب وكريم بلقاسم)، لا يمكن تحديد رئيسها لأن الأسماء وردت حسب الترتيب الأبجدي وقرارها جماعي يؤخذ بالأغلبية المطلقة. وبالرغم من الشك الذي انتاب القيادة السياسية الجزائرية وأخذها الحيطة والحذر إلا أن فرنسا كعادتها تصرفت بطريقة أحادية وخططت لها بتحضير مخطط هيرسانت (Plan Hersant) الذي قسم البلاد لتحتفظ فرنسا بالصحراء وسهل المتيجة وطريقين عبور للبحر باستحواذها على أرزيو غربا وسكيكدة شرقا وكرس أطروحة فرانسوى بيرو (François Perroux) في كتابه: "Faut-il partager l_Algérie ?". أجهض هذا المخطط بإرادة قوية جعلت الثورة تتعزز بانضمام جمعية العلماء المسلمين في 07/01/1956 وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين بتاريخ 24/02/1956 وإنشاء الإتحاد العام للتجار الجزائريين بتاريخ 20/09/1956 الذي قدم دعما ماليا كبيرا للثورة ...لكن فقدت الثورة بطلين في ساحة الوغى من الشخصيات التاريخية الفذة: ديدوش مراد المدعو/ سي عبد القادر ومصطفى بن بولعيد المدعو/ سي عبد الله. توسّع رقعة الحرب عرفت الحرب سنة 1957 ذروتها في الاشتباكات مع العدو في معارك ضارية لفك الحصار على منطقة الجزائر (Zone autonome) سواء بشن معارك القعدة (معركة شوابير، اشتباك زليج ببوعلام، كاف ميمونة، خناق عبد الرحمان، غابة الليل) ومعارك الصحراء (معركة غنبو، معركة بوخلالة) ومعارك دارت أوزارها في الجبال شرقا وغربا شمالا وجنوبا جعلت خروج القيادة السياسية من القطر الجزائري في ربيع 1957 أمرا مقضيا. ثم فكرت الثورة في التعبير عن نفسها وأسست الإذاعة الجزائرية بعد إنشاء أول مدرسة للاتصالات السلكية واللاسلكية بوجدة لأغراض حربية منها الدعاية الهدامة والدعاية الهادفة والدعاية الوقائية والدعاية النشيطة والاستعلامات بالتصنت والتشويش على أجهزة العدو مع محاولة تغليطه وكذا تأسيس الهلال الأحمر الجزائري. وبدأت الثورة تعبر شيئا فشيئا عن نفسها بالرصاص والكلمة منتهجة تارة للغة البندقية وتارة للغة الحوار. وأحسن تعبير كان شن إضراب الثمانية أيام بتاريخ 1957/01/28 تدعيما وتزكية لجبهة التحرير الوطني بمناسبة عرض القضية الجزائرية أمام هيئة الأممالمتحدة. جاء رد الاستدمار جبان حيث عبر بما يليق به بتفنينه في استعمال العنف والإرهاب ينده له الجبين ودون استحياء من الرأي العام العالمي نفذ حكم الإعدام بهذه المناسبة على 30 جزائري بتاريخ 10/02/1957 وأعدم أيضا الشهيد محمد العربي بلمهيدي في 03/03/1957 نظرا للحقد الدفين التي كانت فرنسا الغاشمة تكنه لهذا البطل الفذ الذي خطط معارك نفذها أبطال القعدة وكتائب البطل بلعيد أحمد المدعو/فرحات منها أبو رافع (الهاشمي محمد) و حركاتي مصطفى حيث لقن بيجار السفاح (Bigeard) درسا بعد استشهاده لم ينساه أبدا. شأت الأقدار أن عبقرية سي محمد العربي بلمهيدي الذي خطط لفك الحصار المضروب على منطقة الجزائر تحرك ببصيرة ناذرة وخارقة لما وراء الطبيعة وعيين في مطلع سنة 1957 قبل مغادرته إلى العاصمة لواء المسيرة في عملية المحول الأخضر وإقحامه في معارك القعدة وأعطى الأوامر والتعليمات لتحضير الترتيبات من شأنها جلب قوات الجنرال ماصو من الجزائر وتفتيتها في وسط العرق الكبير. فعل ذلك كله ولم يشاهد انجازاته بتعيينه قيادة منطقة الجنوب التي أدت ما عليها تحت قيادة المنظم العبقري الآخر: العقيد لطفي. ونلمس إرادة الثورة الجزائرية في التعريف بنفسها والتعبير في أروقة الأمم وذلك من خلال تأسيس فريق كرة القدم لجبهة التحرير الوطني بتاريخ 08/04/1957 ثم توجيه مذكرة للأمم المتحدة بتاريخ 06/05/1957 ضمنتها إرادة قوية للشعب الجزائري في استرجاع سيادته واستقلاله. كل هذه الأحداث وأخرى ساهمت بشكل مباشر في تأسيس الحكومة المؤقتة للثورة الجزائريةبالقاهرة في 19/09/1958 وأصدرت أول بيان لها بتاريخ 26/09/1958 صرحت رسميا وأعلنت فتح المفاوضات مع فرنسا في 14/11/1958. اعترفت بها 17 دولة وتشكلت من رئيس ونائبين الرئيس وأربعة وزراء دولة وتسعة وزراء وثلاثة كتاب دولة. أجبرت الظروف السياسية والعسكرية المجلس الوطني للثورة الجزائرية الذي يعد آنذاك بمثابة برلمان الجبهة على إحداث حكومة مؤقتة كلسان ناطق لجبهة التحرير الوطني وممثلها الوحيد في المفاوضات ساحبة هكذا البساط تحت كل الأطماع والمناورات، لكنها جلبت تلك المؤسسة الجديدة منذ تأسيسها اهتمام الجميع لأنها حازت رسميا على سيادة كاملة للشعب بمختلف شرائحه وتنوع حساسياته لا تسمح لأيا كان أن يتلاعب بمصيره. (Plaine souveraineté). إلا أنه لم يعتبرها القانون الدولي الذي كان آنذاك قانونا تنسيقيا يخضع لنظام ازدواجية القطب (Bipolaire) برز أثناء تقسيم العالم في يلطا (Yalta) وكانت لا تعني شيئا بالنسبة له مادام الدولة لم تكتمل بعد ملامحها ولم تستمد سلطتها عن طريق الاختيار الحر للشعب. قد شكلت هذه النقطة محل جدل طويل سمح لفرنسا أن تناور بغية كسر وحدة القيادة السياسية وشوكتها التي كان الشعب الجزائري ملتفا حولها. وبذلك خلقت شرخ بين القادة العسكريين بالداخل الذين يسارعون الموت في الجبال والقادة المدنيين في الخارج الذين يتمتعون بشيء من حرية التصرف قد يحسدون عليه.