تكتسح سيارات الأجرة غير الشرعية المعروفة "بالكلونديستان" كل مناطق ولاية وهران وتجمعاتها السكانية بحيث أصبحت تتنامى كالفطريات في ظل أزمة النقل المتواصلة والتي تعتبر من الأزمات التي ولدت همة أصحاب المركبات الخاصة ودفعتهم الى إستغلال الوضع السائد لتقديم خدمات النقل في أسوإ الظروف وبأسعار يفرضونها كما يشاؤون دون مراعاة الزبون الذي لا يلجأ الى "الكلونديستان" إلا في جالة إضرارية. وأمام ظاهرة الإضرابات المتكررة لحافلات النقل وجد بعض الإستغلاليين ضالتهم وملاذهم بحيث شكلت هذه الفرصة النادرة فرصة شغل هامة كان على كل من يملك سيارة خاصة أن يمتهن هذه الحرفة ولو بصفة مؤقتة مرتبطة بأزمة النقل التي جاءت جراء الإضراب الذي يشنه في كل مرة ودون سابق إنذار عمال مؤسسة النقل العمومي »إيطو«. وفي ظل غياب الردع والمراقبة تتفشى الظاهرة بشكل مقلق ومزعج بحيث تركن المركبات في كل الطرقات والأرصفة لتقدم خدماتها والمزعج في الأمر هو تلك الأسعار التي يفرضها السائق على الزبون بحيث ينقل مسافة خمس دقائق فقط ب 100 دج الى 200 دج وهو أمر لا يعقل أبدا ويؤكد جشع وطمع الإنتهازيين الذين يستغلون الفرص لإنتهاك جيوب المواطنين المغلوبين على أمرهم، ومنهم من يضطر الى دفع المبلغ حتى يصل الى مكانه لا سيما بالنسبة للعمال والمتمدرسين. وسجلت الظاهرة إستياء كبيرا لدى السكان رغم أن الخدمة متاحة في كل الأوقات وتساهم في الحد من الأزمة والضغط الكثير إلا أن ذلك الإستغلال المفروض من حيث أسعار النقل غير عقلاني وغير مقبول، وفي حالة الإضرابات التي شنتها حافلات النقل الحضري، وأمام غياب أو قلة سيارات الأجرة يعزف الكثيرون على دفع تلك المبالغ مقابل نقل الراكب الى مكان أقرب ليقل وسيلة نقل أخرى حتى يصل الى مكان عمله أو دراسة، ومع ذلك فإن الخدمة لن تقدم كاملة وإن كانت كذلك فإن الثمن يصل الى 600 دج الى ألف دينار للراكب الواحد مثلا من إحدى قطاعات بلدية وهران الى وسط المدينة. ورغم أنهم يدركون عدم شرعية نشاطهم إلا أنهم يواصلون إبتزاز الزبائن بطريقتهم الخاصة مصنفين أنفسهم ضمن مقدمي خدمات النقل غير المتاحة خاصة بالنسبة لبعض الأحياء الخارجة عن النسيج الحضري، ولعل عملهم في إطار غير قانوني منح لبعض السائقين الحق في فرض السعر الذي يروق له في مهمة البحث عن ربح سريع ودخل وفير في فترة وجيزة ومن ضمن الأحياء التي تشهد إنتشارا واسعا جدا ل »الكلونديستان« نذكر الدارالبيضاء، بونيف، سيدي الهواري، عين الترك، الحاسي، حي بوعمامة، منطقة عين البيضاء والسانيا وغيرها من التجمعات السكانية التي تعاني أزمة النقل بالأكثر في الفترات المسائية أين تسجل المحطات والمواقف إكتظاظا كبيرا جدا للركاب وتأتي سيارات الأجرة غير الشرعية لتحل أزمة النقل وتطرح أزمة الجيوب. ويتخذ بعض أصحاب المركبات هذه المهنة كمصدر رزق وحيد بحيث يعتبر مشروعا أسس من أجل العمل في الظل أو بمعنى آخر بصفة غير مرخصة قد تعرضه في حالة الضبط الى سحب الرخص والمعاقبة القانونية، ويفكر الكثيرون في دخول هذه التجربة من خلال الإستثمار عن طريق شراء سيارة خاصة وإستعمالها لهذا النشاط. ومن جهة أخرى يتخذ البعض هذه المهنة كمصدر رزق إضافي بعد الإنتهاء من الدوام الذي يكون خلال الفترة الصباحية فقط وتشغل فترة ما بعد الظهيرة في العمل الدؤوب أين تكثر الحركة وتتفاقم الأزمة، ويا حبذا لو يتفق أصحاب الكلونديستان على تسعيرة واحدة ويقدمون بالتالي خدمة حقيقية للركاب وإلا فإن المواطن سيبقى يعيش الأمرين ويعاني الإستغلال من جميع الجوانب والنواحي في الوقت الذي أصبحت فيه سيارات الأجرة غير الشرعية تنافس الطاكسيات وترهن تواجدهم من خلال التطفل الذي بات يميز ملاك هذه المركبات في مهمة البحث عن الزبائن. وتبقى »الكلونديستان« الحل غير المرغوب فيه الذي يساهم في تقديم خدمات إستثنائية لا ترضي الجميع، وتولدت الظاهرة عن مشكل النقل الحاصل بالولاية منذ سنوات طويلة في وقت لم يجد المواطن بديلا آخر غير المركبات الخاصة التي وجدت في هذا النشاط ضالتها وراحت تظهر المشاريع وتستثمر المركبات لهذا العمل الفوضوي وغير المنضبط والذي يتحكم فيه أصحاب هذه المركبات وفق ما يخدم مصالحهم، ولعل غياب الردع والصرامة في هذا الصدد كان دافعا أمام إنتشار هؤلاء الإنتهازيين الذين يقدمون خدمات النقل بطريقة غير مرضية.