اليوم، وبعد ربع قرن من التعديدية الإعلامية، نجد أنفسنا أمام تحدي كبير، يواجه الممارسة الإعلامية الجزائرية، التي تمتلك الكثير من الأدوات والإمكانيات، التي تمكنها من كسب الرهانات الكبرى، وفي مقدمتها، عوامل النجاح القائمة، المتمثلة في روح المغامرة والتطلع والجرأة والرغبة في النجاح، التي يمتاز بها الإعلامي الجزائري، وخاصة الأجيال الجديدة، كما أن الظروف العامة والمناخ الاجتماعي والثقافي، يساعد كثيرا اليوم، وبالذات تلك القدرة التي امتلكها الشباب الجزائري في التكيف المرن والسهل، مع التكنولوجيا الاتصالية الحديثة. إلا أن الممارسة الإعلامية، مهما كان مجالها مكتوبة أو مسموعة أو بصرية أو الكترونية، والتراكم العام، يحتاج اليوم ضرورة الانتقال من مستوى الصحفي الموظف، إلى مرحلة الإعلامي المثقف، على اعتبار أن الممارسة الإعلامية الحديثة، هي صناعة التاريخ، وإدارة المزاج الاجتماعي، وبناء صور المجتمعات والأفراد، عبر ما توفره الأنماط التكنولوجية الجديدة، وهذا الشرط أساسي في المرحلة المقبلة، حتى نتمكن من امتلاك أحد أهم وسائل الانخراط في التاريخ. إن التجربة الإعلامية الجزائرية، عميقة ومتأصلة تاريخيا، ولها من الانجازات الكثير، وقد عرفت بداية القرن التاسع عشر، قمة الإبداع الإعلامي الجزائري، عبر تلك الممارسة النوعية والكمية، التي كان لها أثرها في صناعة نخب جزائرية، ساهمت في صناعة التراكم الثقافي الوطني، ودعمت ركائز الهوية الجزائرية، وأعطت للشخصية الجزائرية، سمتها الخاص، وتجاوزت سمعتها خارج الحدود، وحصلت على احترام وتقدير الكثيرين، رغم القمع الاستعماري الوحشي. ومهما كانت إضافات المرحلة الحالية، فهي تندرج في سياق التكيف التدريجي والبطء لنا، مع معطيات العصر الجديد، ومن المفيد لنا جميعا، وبالذات النخب الإعلامية، الاتجاه نحو الانخراط الحقيقي في المستقبل، والقبول بشروطه الأساسية، لأن أي تأخر لن يكون إلا ضدنا.