تمنيتُ لو لم أكن تفاحة الإثم فأمنح آدم البراءة.. تمنيت لو لم تبح حواء بسرها فأعزف لها مزامير الغواية.. كم كان الفردوس وسيعًا.. لكن الأرض بكت حين رأتني أدخل مُنتعلا صمتي وعلى جبيني قليلٌ من عطر الجنة.. تمنيتُ لو لم أكن حجرا بيد قابيل.. خبأتُ الموت هناك.. ماذا لو كنتُ وردةً أو ريشة طائر بلون الفرح.. تمنيتُ لو كنتُ غرابا أبيض حين يغطي سوأة هابيل تصيح الأرض: "خسئت أيّها الطفل؟" وأنا حجر يتهجّى أنشودة أول موتٍ يفزع منه الطيرُ وتذبل أشجار الزيتون. تمنيت لو لم أكن ورقة التّوت التي غطّت وجه الفضيحة.. وكنتُ الشجرةً لا تقربها الأفاعي.. تمنيتُ لو لم أرَ الشّمسَ تأتي لتغربَ فألتحف بالظّلمة.. تمّنيتُ لو كنتُ العتمة التي يدركها النهار فتموت.. لو كنتُ النهار الذي لا ينكشف كامرأة على شاطئ الكوباكابانا.. تمنيتُ لو كنتُ موجةً في بحرٍ مسحور بسلالات حوّاء.. يأتي الطوفان كبيرًا.. يصّاعدُ ماءً يأخذه الغضبُ الموتور ليلامسَ أعلى الصّخرة. وعميقًا تأتي سفينة نوحٍ تحملني.. تحمل كلّ الأرض ولا تتعب.. يعلو النّورس فوق شراع أدركهُ النّوم فأحنى الرأس لتمسحهُ الغيمة. يصرخ طفلٌ "آرارات.. آرارات". ترتفع الأصوات: هنا كان أبونا الأوّل.. وأنا الباحثُ عن جبلٍ أُفرغ فيه بقيّة أحلامي.. أتمنّى أن يُسعفني آرارات فأكتبُ كلمة واحدة: الضّوء..