جاء ما يسمى اصطلاحا في السياسة ب " الربيع العربي" ليزيد الطين بله و يبرر التهافت غير المسبوق للبلدان العربية على شراء و تخزين الأسلحة بكل أنواعها ، بعدما كان هاجس الارهاب و التخوف من عملياته الاجرامية في الداخل على مؤسسات الدولة و اقتصادها الدافع الأول للتسلح . في الشرق الأوسط لم يعد العدو الصهيوني " المحفز" على عقد أكبر الصفقات مع روسيا و فرنسا والولايات المتحدة و كندا و بريطانيا التي تغذي هذا الصراع لأهداف استراتيجية و تجارية بل صار الخطر يأتي من الداخل كما هو الحال في مصر بعد بدء الحرب بين الدولة و الاخوان الذين نفذوا العديد من العمليات الارهابية . و أيضا تنامي الخطر الداهم المتمثل في التنظيم الارهابي المسمى "داعش" و الذي يكتسح المزيد من المساحات في العراق و سوريا و ليبيا دون نسبان الحرب التي فتحتها المملكة العربية السعودية على الحوثيين في اليمن. و لا تعيش الدول العربية المتبقية في منأى عن هذا الخطر ما ينعش سوق تسليح البلاد العربية من طرف العديد من الدول المصنعة التي تستثمر في هذا الداء. و في ظرف عشر سنوات أنفق الشرق الأوسط على السلاح بزيادة قدرها 57 بالمائة حيث زاد لبنانوالعراق من نفقاتهما بنسبة ب 15 بالمائة ووصلت المبالغ المخصصة لشراء الأسلحة في سنة 2014 لوحدها إلى 196 مليار دولار ففي بغداد تم الكشف عن اجتماع سري عقد بين قادة في الحشد الشعبي بزعامة هادي العامري وضباط كبار في استخبارات الحرس الثوري الإيراني تم التباحث فيه بشأن تزويد الحشد الشعبي "ب"100" صاروخ أرض أرض "نوع"سكود". أمن إسرائيل ثم العالم وقالت نفس المصادر إن "ضباطا في الاستخبارات العسكرية التابعة للحرس الثوري وضعوا خطة لنقل الصواريخ الى أطراف بغداد بغية نقلها فيما بعد إلى قضاء النخيب المحاذي لحدود محافظة كربلاء مع محافظة الأنبار". ورجحت المصادر "وصول الدفعة الأولى من الصواريخ إلى النخيب فيما سيتم نقل الدفعات الأخرى على شكل مراحل و هذه الحالة واحدة من الحالات التي تستثمر فيها أطراف معينة في المرض العربي سواء كانت إيران أو الدولة التي باعت أو صنعت المنتوج الحربي لإيران التي تحاول بكل الطرف فرص نفوذها في الخليج في إطار استراتيجية الاكتساح. و قد اشترى العراق 140 من دبابات (M1a1) وهو النموذج المقارب للنموذج الذي سمحت أميركا لمصر بتصنيعه جزئيا، وأبرز ميزاته هي صلابة التدريع ناهيك عن الإمكانية الواسعة للعمل ليلاً والوقاية الذاتية من الأسلحة البيولوجية والكيماوية ، والغريب أن مثل هذه الصفقة غير متناسقة على الإطلاق مع الوضع العراقي، ففي ظروف اضطراب الأمن يجدر التركيز على تسليح قوات التدخل السريع وضبط النظام الذي لم يستطع حتى على استرداد الرمادي ، لا على سلاح المدرعات المضاد للأسلحة البيولوجية، إذ إن العراق لن يضطر لاستعمال هكذا سلاح إلا في حال خوضه حرباً ضد إيران! وهو هدف أميركي لا مطلب عراقي ، وهنا يمكن ملاحظة حالة واضحة جداً من عدم تناسق مشتريات السلاح مع حاجيات الدولة. و ما يقال عن العراق يقال عن باقي البلاد العربية و لكن بتفاصيل أوفى و ميزات في الشكل لا الموضوع و كثير من الدول العربية تعرف جيدا أنها محصنة و لكن الدافع إلى تسليح نفسها لا يتوقف ليدخل ضمن النظرة الاستشرافية و الحسابات الاستراتيجية رغم أن الخطاب السياسي يجنح دوما إلى الحديث عن ثقافة السلم و الحد من التسلح. وكان بيع السلاح للدول العربية يمر بإجراءات ويخضع لشروط من أجل إبقاء التوازن العسكري في صالح إسرائيل، ولكن لأن هذا الكيان يبدو في تحالف فعلي ضد إيران فقد أبدت إدارة أوباما استعدادا لبيع أسلحة متقدمة لدول الخليج ومن دون اعتراضات من إسرائيل. و قد صارت حسابات إسرائيل واضحة وهي أن صفقات الأسلحة "لا تمثل تهديدا حقيقيا عليها بل تمثل توازنا مهما ضد إيرانو حلفائها. وكان الكونغرس الأمريكي قد صادق في عام 2008 على قانون يسمح لإسرائيل بالاحتفاظ "بتفوق عسكري نوعي" في المنطقة. وبناء عليه تتم مراجعة كل الصفقات العسكرية بشكل يتوافق مع مصلحة إسرائيل. لكن سياسة الرئيس باراك أوباما الجديدة التي تقوم على تعزيز قدرات عدد من دول الخليج العسكرية بحيث تكون في وضع يسمح لها بمواجهة الطموحات الإيرانية أدت لتخفيف الشروط ، خاصة وأن خطوات كهذه تصب في مصلحة إسرائيل التي ترى في إيران تهديدا وجوديا عليها. السلاح الفتاك الذي عصف بأمن العرب