تحفة معمارية جميلة يقع هذا المسجد الذي تغيرت وظيفته إلى متحف في الجانب الغربي للساحة المجاورة للمسجد الكبير لتلمسان بنيت هذه المعلمة الفنية سنة 1296 تخليدا لذكرى الأمير أبي إبراهيم ابن يحيى يغمراسن بعد وفاته كما تدل على ذلك الكتابة المنقوشة على لوح من المرمر مثبت على الحائط الغربي لقاعة الصلاة وسط الصف الثالث، وكذا النقيشتان المصنوعتان من الجبص اللتان تعلوان المحراب، يعتقد أن الاسم الحالي للبناية منبثق من اسم القاضي والعالم الشهير أبي الحسن بن يخلف التنسي الذي مارس القضاء تحت حكم السلطان أبي سعيد عثمان (1283-1303)، هذا المسجد الذي يعود لفترة بني عبد الواد، ذو أبعاد متواضعة بالمقارنة مع المساجد المتواجدة داخل المدينة، يتميز تصميمه بغياب الصحن والبلاطات الموازية لجدار القبلة. تنقسم قاعة الصلاة إلى ثلاث بلاطات وثلاثة أساكيب يحدها صفان من العقود المكسورة التي ترتكز على أعمدة من المرمر تعلو بعضها تيجان جميلة، صنعت السقوف من عوارض متشابكة من خشب الأرز تمنح أول نموذج جزائري لهذه التجاويف التي طورت ثلاثة أو أربعة قرون قبل ذلك بالأندلس. ينفتح المحراب بعقد متجاوز داخل إطار مستطيل تعلوه ثلاث فتحات تحتلها شماسيات مفرغة بزخارف وردية، وتعد زخارف هذا المحراب من روائع أعمال النقش على الجبس، فجنبات العقد مؤثثة مناوبة بعناصر نباتية وأخرى كتابية، ومن الأركان تنبعث زخارف دقيقة نائية وحلزونية الشكل على الأرضية تتشكل من نجمة ذات ثمانية شعب وغصنيات، ويمثل هذا المحراب قمة الفن المغربي–الأندلسي، فهو ذو تصميم سداسي الأضلاع وتغطيه قبة ذات مقرنصات شبيهة بتلك الموجودة بكل من جامع القرويين بفاس، ومسجد تينمل والكتبية (مراكش)، تتشكل كوته التي تنطلق من تصميم مثمن لتبلغ القبيبة ذات الأضلاع التي تغطيها، من مستطيلات معقوفة ومفرغة ومن معينات ومثلثات وعناصر كمثرية الشكل. زين الجزء السفلي للتيجان بعناصر نباتية متعرجة ومقوسة وهو تقليد مختزل لتيجان الأقنثة العتيقة، أما الجزء العلوي ذو الشكل المتوازي السطوح، فيتكون من زخارف نباتية تذكر ببعض تيجان جامعي قرطبة وتلمسان أما التيجان الأخرى فتقدم زخرفا محوريا مشكلا من سعيفات ترتكز على أوراق الأقنثة السفلية، هذه العناصر الزخرفية الموجودة في الفن القوطي ظهرت في الغرب الإسلامي بالجعفرية بسرقسطة، كما تحتل الصومعة، المبنية من الآجر والمكونة من برج ومنور، الزاوية الجنوبية الشرقية للبناية، يتم الصعود إلى سطحها بواسطة درج يحيط بنواة مركزية، تزين واجهاتها الأربعة سلسلة من الإطارات المستطيلة التي تملأ بعضها شبكة من المعينات المنحنية الأضلاع وبعضها الآخر عقود مفصصة، وعلى واجهاته الأربعة، ينفتح المنور بعقود مفصصة، كما تغطيه زخارف من الزليج الجميلة والمتعددة الألوان، هذا الزخرف المميز لصوامع الفترة الموحدية ظهر لأوّل مرة في جامور الكتبية (مراكش) ويحتل مكانة كبيرة بصومعة حسان بالرباط والخيرالدة بإشبيلية وخاصة بمسجد القصبة بمراكش، ومن بين كل المعالم الموجودة بتلمسان، يعد مسجد سيدي بلحسن البناية التي تشبه إلى حدّ كبير الانجازات المعمارية المغربية والأندلسية.