قضايا إثبات النسب تتكدّس في أدراج المحاكم يبقى موضوع الأمهات العازبات بولاية وهران من الطابوهات الذي بالرغم من أنه أسال الكثير من الحبر, إلا أنه لا يزال من المواضيع الشائكة التي تعالج قضايا حساسة ذات بعدين ؛أولهما يخص الوضع الاجتماعي للأمهات العازبات اللائي خضعن لظروف صعبة ويعشن الأمرين بسبب الخطيئة ؛ و ثانيهما يتعلق بحالتهن النفسية جراء تعذيب الضمير و الشعور بالذنب , لاسيما إذا صاحبت الحالة ولادة أطفال الخطيئة أو الأطفال مجهولي النسب .و هو ما جعل جريدة الجمهورية تقتحم أسوار حياة الأمهات العازبات لمعرفة طبيعة عيش ثلاث منهن كعينات لهذه الفئة ممن ألتقتهن الجريدة ,و كان القاسم المشترك بينهن ,هو الندم على ذنب اقترفنه في لحظة ضعف, و كانت عواقبه كارثية للغاية لدرجة أنها كانت كفيلة بخسارة عائلاتهم و أحبائهم و خسارة كل شيء. أمال و محاولة تجاوز المأساة بالاعتماد على النفس العينة الأولى تخص السيدة "أمال ر", الأم العزباء التي رفضت حتى تقديم اسمها و تنكرت في بداية الأمر باسم مستعار, التقتها الجريدة بمديرية النشاط الاجتماعي بوهران وهي تبحث عن طريقة لتسجيل نفسها من أجل الحصول على إعانات مالية من المديرية المذكورة. و بعد محاولات كثيرة للحديث معها و رفضها المطلق الخوض في الموضوع معنا ،مرددة بادئ الأمر عبارة "راني ندمانة" عدة مرات , قبل أن تستجيب لإلحاحنا و تحدثنا عن غلطتها التي جعلتها تدخل عالم الأمهات العازبات ,فعلمنا أن أمال لا يزيد سنها عن ال 23 عاما و ارتكبت الخطيئة في سن ال 20 عاما مع شاب كان يعمل معها بأحد محلات بيع الحلويات , والذي نصب عليها بحبه لها و وعدها بالزواج و استغل سذاجتها ،إلا أنه و لدى مصارحته بحملها طلب منها إجهاض الجنين ,و عندما كلمته أن الأمر فيه خطورة على حياتها ,و أن عائلاتها ستقتلها لو عرفت ما أسمته أمال بالفضيحة ،قام شريكها في الخطيئة, بالتنكر لها بعد أن غير مكان عمله و هاتفه و كل شيء يمكنه أن يجعلها تصل إليه .حيث كشفت أمال, أنها لم تسمع شيئا عمن أسمته بصانع أحزانها منذ 3 سنوات تقريبا .و عاشت الويلات بين البحث عن أب طفلها غير الشرعي, و بين حملها في بادئ الأمر ثم ابنها الذي خلق في الدنيا كثمرة للخطيئة ،مضيفة أن حياة الأمهات العازبات هي معاناة حقيقية , فمن جهة , نظرة المجتمع التي لا ترحم, و من جهة أخرى , الوضعية الاجتماعية المزرية, خاصة بالنسبة للائي يتنكر لهن محيطهن العائلي فيجدن أنفسهن بين عشية و ضحاها دون عائلة و دون عائل و دون دخل .و هو الوضع الذي عرفته أمال ,التي ما إن علم أهلها بالموضوع, حتى حاولوا قتلها, ما جعلها تهرب من البيت العائلي, و حاولت اللجوء عند بعض أقاربها إلا أن سماعهم بالموضوع جعل الكل يرفضها .و اعترفت أنها حاولت الانتحار عدة مرات لكن محاولاتها باءت بالفشل ،مضيفة أنها و بعد رفض الجميع لها, وجدت نفسها في الشارع ، كانت تتقوت نهارا من مساعدة المحسنين بتنكرها و امتهانها التسول, و ليلا تبيت بالشارع و ابنها ، فكانت تترصد العمارات التي لا يغلق سكانها أبوابها بعدة أحياء لتبيبت بها و تنهض في الصباح الباكر لتغادرها قبل أن يتفطن لها السكان. و هي المعاناة التي لازمتها طيلة سنتين .و بعد أن بلغ ابنها عامه الثاني قررت أن تبدأ حياة جديدة تعتمد فيها على نفسها ،حياة أسمتها أمال بالكريمة لها و لابنها الذي حمّلته كل ما عاشته, إلا أنه تأكدت في نهاية المطاف أنه ضحية لا علاقة له بما عاشته طيلة حياتها .حيث قررت أن تقوم بتكوين في فن الطبخ و سجلت نفسها ،ما جعلها تحصل أيضا عن طريق التكوين من منحة تساعدها و ابنها ،بالإضافة إلى عملها في ساعات فراغها بمطعم تسترزق منه و تحصل قوتها و قوت ابنها . كما قررت بعد انتهاء مدة التكوين دخول عالم المقاولاتية من خلال تسجيل نفسها بمؤسسات دعم الشباب لإنشاء مؤسسات مصغرة ،حيث تنوي فتح مطعم ,يكون سندها و سند ابنها مستقبلا ,لأنها رفضت أن يعيش ابنها و يكبر على حياة التشرد ،و هذا بعد أن سجلته بدار للحضانة غير معتمدة تدفع لها شهريا 1500 دج ،و عن مبيتها فلا تزال تبحث عن مأوى ،بعدما أقامت طويلا بديار الرحمة ,و أكدت أمال لجريدة الجمهورية, أنه بالرغم من أن الخطيئة مشتركة بين الرجل و المرأة ،إلا أن المسؤولية تقع كلها على عاتق المرأة و الكل يحلمها المسؤولية و الذنب, فضلا عن نعتها بأبشع الألقاب من "عاهرة" إلى "أم عزباء" و غيرها من الصفات التي تزيد هاته الفئة ألما و معاناة ،مضيفة أنها اضطرت لتسجيل ابنها باسمها لتجنبه تسمية "مجهول الهوية" . اغتصاب يدخلها عالم الأمهات العازبات مبكرا البحث أوصل الجريدة ، إلى العينة الثانية من ضحايا الولادة خارج إطار الزواج أو ما يعرف بالأمهات العازبات, و يتعلق الأمر بربيعة ،ذات ال 25 ربيعا, تعيش هي الأخرى حياة البؤس و الشقاء ،بعد أن تعرضت للاغتصاب من طرف ابن خالها و هي في سن ال 19 من عمرها ,مما جعلها ذلك تحمل منه و بعد أن علمت عائلتها بما حدث لها ،تفككت الأسرتان .و قام والد ربيعة بإيداع شكوى ضد ابن خالها ,الذي فر من منزلهم العائلي و رفض تحمل المسؤولية, بالرغم من أنه كان يكبرها ب 5 سنوات. و جدير بالذكر أن الشابة ربيعة التقتها "الجريدة" بأحد محلات بيع "البيتزا "بمنطقة السانيا, بعد التحقيق الذي أجرته .و عن وضعية ربيعة حاليا فهي تعيش رفقة ابنها ببيتها العائلي, بعد أن تم تسجيله باسم الأب ،إذ كشفت ربيعة أن والدها تأكد بأن ابنته تعرضت لاغتصاب بالعنف, بعد تأكيد الطب الشرعي لذلك و هو ما جعله يتفهم الوضع و يرفض تعريض حياتها للخطر من خلال الإجهاض و حتى تعريضها للمجهول و مستقبلها من خلال طردها من البيت ،معتبرة نفسها محظوظة مقارنة بأخريات تعشن المعاناة الحقيقية و التشرد .لكن نظرة المجتمع لم ترحمها ،و كلام الناس أيضا خاصة لكونها أم عزباء ،حيث أضافت أنها لن تعيش حياتها مثل قريناتها, تحلم بفارس الأحلام. بل تعيش دائما تحت رحمة نظرة النقص و مداراة حقيقة أنها أم و لها طفل في سن الخامسة من عمره .حيث تقدم لها الكثير من الشباب لخطبتها ،إلا أنها ترفض الزواج, لأنها ليست مثل باقي الفتيات اللواتي تحلمن بالزواج بسبب ما وقع لها . أم آلاء , حكاية أخرى عن وعد زائف بالزواج أم آلاء هي العينة الثالثة من فئة الأمهات العازبات و التي رفضت هي الأخرى الإفصاح عن أي معلومات عنها سوى اسم ابنتها . غير أن قصتها لا تختلف كثيرا عن الحالات المذكورة سابقا, إلا أن وضعها و ما عايشته كان أكثر قساوة ،بعدما تعرفت على شاب ,كان يكبرها بسنتين , كانت وقتها تبلغ من العمر 21 عاما ,و قد مر على مأساتها 4 سنوات .لقد تعرفت على المتسبب في معاناتها و هو مغترب من إسبانيا, جاء إلى وهران ليقضي عطلته ،و تعرف عليها على شاطئ البحر ،عندما كان يلهو مع أصدقائه و أغراه جمالها .و لأن أم آلاء تنحدر من عائلة فقيرة ، اعتبرت أن فرصتها قد أتت لإخراج عائلتها من وضعهم المالي الحرج بزواجها من الشاب المغترب الذي تقدم فعلا لخطبتها و أحضر عائلته لبيتها المتواضع .و وافقت العائلة عليه, و بعد خطبتها كانت له الفرصة بالخروج معها بحجة تجهيزها و اقتناء الضروريات لها لزواجهما بعدما يعود إلى بلده مرة أخرى ثم يأتي إلى وهران لإحياء العرس, و أخذ عروسه معه إلى إسبانيا .ثم اغتنم فرصة الإنفراد بها بحجة أنها زوجته . بعد ذلك ذهب المغترب و لم يعد بالرغم من محاولات الإتصال به و بعائلته, مما جعل حياتها تتحول بين ليلة و ضحاها إلى جحيم حقيقي ،تضيف ذات المتحدثة ,بعد أن وجدت نفسها في سن ال 21 عاما حاملا و هي لا تعرف عن المسؤولية شيئا, و تجهل ما ينتظرها .إلا أنها و لحسن حظها سمعت عن جمعية مختصة في مساعدة النساء المعنفات و المغتصبات بالولاية التي ساعدت أم آلاء بعد الإتصال بأهلها. مع العلم أنها هربت من البيت العائلي بعد اكتشاف حملها إلا أن العائلة رفضت عودتها للمنزل .مما جعل الجمعية تساعدها إلى حين وضع جنينها. و بعدها تمت مساعدتها على العثور على عمل لأجل إعالة ابنتها, و تجنب الانحراف و الوقوع في المحرمات من جديد ,لاسيما و أن أغلب الأمهات العازبات ،إلا فئة قليلة للغاية, يتم استغلالهن في مجالات الانحراف الأخلاقي و الدعارة استغلالا بشعا بسبب حاجتهن الماسة لتحسين وضعيتهن الاجتماعية و حماية أطفالهن, أطفال الخطيئة. و أضافت أنها استطاعت إعالة ابنتها دون الاعتماد على أحد وقانت بتأجير مسكن لتجنب المبيت في الشارع و حياة التشرد و ضمان العيش الكريم لابنتها التي لا ذنب لها إلا أنها كانت طفلة الخطيئة . يشارإلى أن الحالات التي تقربت إليها الجريدة, أجمعن على حياة البؤس و الشقاء التي تعشنها و نظرة المجتمع التي تزيدهن بؤسا و ألما و شقاء و معاناة ،و أنهن لم تخترن قدرهن, و ما حصل لهن سوى أن بعضهن جنت ما تبعات لحظة ضعف عابرة و أخرى كانت ضحية لاغتصاب كلفها غاليا ،و أن كلهن رفضن المواصلة في الخطيئة و الانحراف و اخترن إكمال عيشهن بكرامة .
إعانات تصل إلى 1600 دج للأمهات الحاضنات من قبل مديرية النشاط الاجتماعي
تحصي مديرية النشاط الاجتماعي 16 أما عازبة قدمت لهن الإعانة المالية المقدرة ب 1500 دج للأطفال العاديين و 1600 دج بالنسبة للأمهات حاضنات الأطفال المعاقين. و هي الإعانات التي اعتبرتها الأمهات أنها لا تسمن و لا تغني من جوع ,و لا تكفي حتى لاقتناء حليب أبنائهن .و كشفت مديرية النشاط الاجتماعي أن هاته الإعانات لا تعد منحا, و لكنها مساعدات مالية رمزية لهاته الفئة الهشة, لمن أرادت منهن الاحتفاظ بأبنائها كما أنها أنها موجهة فقط للأمهات الحاضنات أطفالا و ليس لفئة أخرى. و هذا لتشجيع عدم التخلي عن الأطفال و تركهم في ظروف مزية للغاية . كما هو شأن الأطفال الرضع الذين يعثر عليهم في الشوارع و الأسواق و المقابر وحتى بمفارغ النفايات ،و غيرها من الحوادث التي تهز الرأي العام . و أضافت مصادرنا أن العدد المذكور المسجل للأمهات العازبات ,ليس الرقم الحقيقي ,لأن الرقم الفعلي غير مصرح به من قبل العشرات اللواتي يرفضن الكشف عن الفضيحة التي لحقت بهن و العار الذي عايشنه في حياتهن . جانب آخر كشفت عنه المحامية "فتيحة ط" بوهران بإشارتها إلى أن قضايا إثبات النسب باتت تعج بها أروقة المحاكم بوهران ،حيث تقوم عدة أمهات عازبات بإيداع شكاوي ضد الآباء الذين يرفضون الإعتراف بأبنائهم ومطالبتهن بإجراء فحوصات "أ دي ان " أو ما يعرف بتحاليل الحمض النووي من أجل إثبات أبوتهم . منها ما تم الفصل فيه و منها ما ينتظر, و ذلك بسبب رفض الأباء جملة و تفصيلا إجراء التحاليل بالرغم من الحكم القضائي الصادرضدهم.و تقوم الأمهات بذلك ،بهدف الاستفادة من النسب والميراث بعد موت الزوج غير الشرعي أو الاستفادة من النفقة على الطفل في حياته, من خلال تقديم ولي أمر أو شهود . و يشارإلى أنه بالرغم من أن للأم العزباء نصيب من المعاناة ،إلا أن المعاناة الكبرى هي من نصيب الأطفال مجهولي النسب الذين يولدون في ظروف غير طبيعية و غير شرعية بسبب نظرة المجتمع إليهم , كأطفال الخطيئة ,هذا إن لم يولد معاقا بسبب تناول الأمهات للعقاقير و أدوية الإجهاض , التي لا تسقط الجنين و إنما تعرضه لتشوهات و إعاقات،فضلا عن نسبه المجهول الذي يمنعه من دخول المدرسة أو العيش بشكل طبيعي .